158

المفروض كونها حاملة لإمكان فسادها ، تفسد بصورتها وهيئتها ومزاجها البتة ، ثم يتبعه زوال علاقة النفس عن البدن ، فكيف تكون تلك المرتبة حاملة لإمكان فسادها وزوال علاقتها عنها ، فإن فساد شيء عن شيء يستلزم بقاء الشيء الثاني حين زوال الشيء الأول. والمفروض هنا خلافه.

نعم لو فرضنا أن يكون مرتبة من مراتب البدنية بمادتها وبصورة خاصة ، أو هيئة خاصة حاملة لإمكان حدوث النفس وتعلقها بها ، كالمرتبة الأخلاطية بحيث يكون المحل القابل المستعد لذلك الحدوث والتعلق ، هو نفس تلك المادة ، ويكون تلك الصورة أو الهيئة الأخلاطية علة معدة لها ، فيحدث حينئذ النفس متعلقة بها وينعدم تلك الصورة أو الهيئة لكونها علة معدة يجب أو يجوز زوالها فيحدث فيها صورة اخرى أو هيئة غير الاولى وفرضنا أن تلك المادة باقية بعينها إما مع تلك الصورة أو الهيئة الثانية أو مع الصور أو الهيئات المتواردة المتعاقبة المعتورة عليها كما هو المعلوم فيما نحن فيه ، وفرضنا بقاء تعلق النفس بتلك المادة في جميع تلك المراتب المتجددة المتغيرة ، حتى إذا انتهى إلى المرتبة الأخيرة تكون تلك المادة الباقية مع هيئة أو صورة اخرى غير الاولى مستعدة بإعداد تلك الهيئة أو الصورة أن تكون حاملة لإمكان فساد النفس وفساد تعلقها عنها ، فيحدث الفساد ويزول أيضا تلك الهيئة أو الصورة التي هي العلة المعدة لذلك ، مع كون تلك المادة باقية في حالتي الكون والفساد.

لجاز أن يكون البدن بمادته علة قابلية مستعدة لحدوث النفس متعلقة به ، ولفسادها وفساد التعلق عنه ، وأن يكون بصورة خاصة علة معدة لحدوث ذلك ، وبصورة اخرى علة معدة لفساده ، وكأن ذلك هو منظور من قال : إنه يجوز أن يكون البدن محلا لإمكان حدوث النفس ولإمكان فسادها ، إلا أن هذا لا يضرنا ، فإنه على هذا أيضا لا يمكن أن يكون البدن محلا لوجود ذات النفس ولا لفسادها ، بل لحدوث تعلقها به ولفساد ذلك التعلق عنه ، أي أن يكون محلا لاستعداد تعلقها به وتصرفها فيه في جميع مراتبه ، وحيث توقف تعلق النفس به حيث فرض كونها حادثة بحدوثه على ما يقتضيه الدليل كما سيأتي ، لا قديمة ولا حادثة قبل البدن على وجود النفس في نفسها ، كان هذا الاستعداد منسوبا أولا وبالذات إلى تعلقها به أي وجودها متعلقة به ، وثانيا وبالعرض إلى وجودها

Bogga 207