وكيف كان فالأخبار متظافرة على زيارة القبور، ولا حاجة لنقل جميعها، وفيما ورد من أن حرمة المسلم ميتا كحرمته حيا دلالة على ذلك، وزيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والصحابة لقبور الشهداء أوضح من الشمس في رابعة النهار.
الباب الثالث في التبرك بالقبور ونحوها اختلف العلماء من أهل السنة والجماعة في جواز التبرك بالقبور، فمنهم: من أجازه على كراهة.
قال النووي: لا يجوز أن يطاف بقبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويكره إلصاق البطن والظهر به. قال: ويكره مسه باليد وتقبيله، بل الأدب أن يبعد عنه، كما لو حضر في حياته.
وكلامه ظاهر في أن المس أبعد من التعظيم، وشبهة العبودية.
وذكر ابن عساكر في (تحفه)، عن ابن عمر أنه كان يكره مس قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ويظهر من بعضهم ندبه واستحبابه.
نقل عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتاب العلل والسؤالات، قال: سألت أبي عن الرجل يمس منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يتبرك بمسه وتقبيله، ويفعل بالقبر ذلك رجاء ثواب الله تعالى، فقال: لا بأس به.
وعن إسماعيل أن ابن المنكدر (1) يصيبه الصمات، فكان يقوم ويضع خده على قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فعوتب في ذلك، فقال: يستشفى بقبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم. والاستشفاء أعظم من التبرك.
ونقل عن ابن أبي الضيف، والمحب الطبري، جواز تقبيل قبور الصالحين، وظاهره الندب.
وفي رواية عن ابن حنبل أني لا أعرف التمسح بالقبر، أما المنبر فنعم، لما روي أن ابن عمر كان يفعله.
ونقل عن مالك التبرك بالمنبر.
Bogga 574