وسلم عليه وعلى آله وصحبه البررة الكرام.
وبعد؛ فهذا مختصر لا بد لكل مسلم من معرفته أو معرفة مثله فيتعين الاهتمام به وإشاعته، فأسأل الله الكريم أن ينفع به وأن يجعل جمعي له خالصًا لوجهه الكريم.
ــ
لمن تدبره "صلى الله وسلم عليه" من الصلاة وهي الرحمة المقرونة بتعظيم ويختص لفظها بالأنبياء والملائكة فلا يقال لغيرهم إلا تبعًا. و"على آله" هم أقاربه المؤمنون من بني هاشم والمطلب، وقد يراد بهم في مقام الصلاة كل مؤمن لخبر ضعيف فيه، "وصحبه" اسم جمع لصاحب وهو من اجتمع بالنبي ﷺ ولو لحظة وإن لم يره ولم يرو عنه مؤمنًا ومات على الإيمان "البررة" جمع بار وهو من غلبت عليه أعمال البر "الكرام" جمع كريم والمراد به هنا من خرج عن نفسه وماله لله تعالى وكل الصحابة كذلك رضوان الله عليهم أجمعين.
و"بعد" كلمة يؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى آخر، وكان ﷺ وأصحابه يأتون بأصلها وهو "أما بعد" في خطبهم لذلك، ولكون أصلها ذلك لزم الفاء في حيزها والأصل مهما يكن من شيء بعد الحمدلة الصلاة على النبي ﷺ "فهذا" المؤلف الحاضر في الذهن "مختصر" قل لفظه وكثر معناه "لا بد" أي لا غنى "لكل مسلم" يحتاج إلى معرفة ما هو مضطر إليه من العبادات محتاج إليه من المعاملات "من" معرفته أو من "معرفة مثله" ليكون على بصيرة من أمره وبينة من ربه وإلا ركب متن عمياء وخبط خبط عشواء "فيتعين" حينئذ عليك أيها الراغب في الخير "الاهتمام به" أي بهذا المختصر أو مثله حفظًا وفهمًا وكتابة، "و" عليك أيضًا "إشاعته" في البلدان ليكون لك نصيب من الأجر إذ الدال على هدى كفاعله١، وليس المطلوب منك الإيصال للهدى فإن الهدى هدى الله وحده وحينئذ "فأنا أسأل الله الكريم أن ينفع به" فإنه لا يخيب من اعتمد عليه ولجأ في مهماته إليه "وأن يجعل جمعي له" من متفرقات الكتب "خالصًا لوجهه" أي ذاته "الكريم" أي المتفضل على من شاء بما شاء إنه جواد حليم رءوف رحيم.
_________
١ ورد في حديث صحيح: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله". رواه مسلم في الإمارة "حديث ١٣٣"، وأبو داود في الأدب "باب ١١٥"، والترمذي في العلم "باب ١٤"، وأحمد في المسند ٤/ ١٢٠، ٥/ ٢٧٤، ٣٥٧.
1 / 10