<إدراك الخشونة>
[189] فأما الخشونة فإن البصر يدركها في الأكثر من صورة الضوء الذي يظهر في سطح الجسم الخشن. وذلك أن الخشونة هي اختلاف وضع أجزاء سطح الجسم، وهو أن يكون بعض أجزاء السطح شاخصة وبعضها غائرة. وإذا كانت أجزاء سطح الجسم مختلفة الوضع، فإن الضوء إذا أشرق على سطح ذلك الجسم كان للأجزاء الشاخصة أظلال على الأجزاء الغائرة في أكثر الأحوال. وإذا وصل الضوء إلى الأجزاء الغائرة فإنه يكون معه أظلال عن بعض الأضواء. والأجزاء الشاخصة ظاهرة للضوء، فليس تستتر عن الضوء الذي يحصل في ذلك السطح. وإذا حصل في الأجزاء الغائرة أظلال، وليس على الأجزاء الشاخصة أظلال، اختلفت صورة الضوء في سطح ذلك الجسم. والسطح الأملس أجزاؤه متشابهة الوضع، فإذا أشرق عليه الضوء كانت صورة الضوء في جميع السطح متشابهة. فصورة الضوء في سطح الجسم الخشن مخالفة لصورة الضوء في السطح الأملس. والبصر يعرف صورة الضوء الذي في السطوح الخشنة وصورة الضوء الذي في السطوح الملس بكثرة مشاهدته للسطوح الخشنة والسطوح الملس. فإذا أحس البصر بالضوء الذي في سطح الجسم على الصفة التي قد ألفها في السطوح الخشنة حكم بخشونة سطح ذلك الجسم. وإذا أحس بالضوء الذي في سطح الجسم على الصفة التي قد ألفها من السطوح الملس حكم بملاسة سطح ذلك الجسم. فالخشونة يدركها البصر في الأكثر من صورة الضوء الذي يدركه في سطح الجسم الخشن.
[190] وإذا كانت الخشونة مسرفة كانت الأجزاء الشاخصة مقتدرة المقادير. وإذا كان سطح الجسم بهذه الصفة فإن البصر يدرك الأجزاء الشاخصة، ويدرك شخوصها، ويدرك اختلاف أوضاع أجزاء سطح الجسم من إدراكه التفرق الدي بين الأجزاء. وإذا أدرك البصر اختلاف أوضاع أجزاء سطح الجسم، فقد أدرك خشونته من غير حاجة إلى اعتبار الضوء. فقد يدرك البصر خشونة سطح الجسم على هذه الصفة أيضا إذا كانت الخشونة مسرفة.
Bogga 303