وهذا منه -كالقضاة وغيرهم- صريح فيما قلته آخرا، من جواز الكشف المذكور، فتأمله فإنه واضح.
وما يقال: يحتمل أنهم كانوا مكرهين، فهو فاسد؛ وما الحامل للإمام الفاسي على أن يحضر هو والقضاة مكرهين، ثم لا يذكر ذلك؟ بل يذكر ما هو صريح في رضا الحاضرين، وأن ذلك لم يفعل إلا بإذنهم.
ومما يحفظ عليك وقوع هذا الاختلاف، أن الله تعالى جبل قلوب المسلمين على غاية التعظيم والمهابة والإجلال.
فكل من أفتى إفتاء، فإنما حمله عليه -مع ما فهمه من كلام أئمته- أنه لم ير التعظيم للكعبة المعظمة إلا فيه.
وسيأتي من تعظيم السلف لها -بل الجاهلية- مما يبهر العقل، وفي ذلك دلالة على بقاء الخير الكثير في الأمة، كما أخبر به الصادق صلى الله عليه وسلم ، فقد جاء في الحديث الحسن، أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة حق تعظيمها -يعني الكعبة والحرم- فإذا ضيعوا ذلك هلكوا)).
فإن قلت: ما وجه التعظيم في عدم الإصلاح؟
Bogga 29