276

البحث السادس

في أنه تعالى ليس بمحل للحوادث

ذهبت الكرامية الى جوازه (1)، والباقي أنكروه ، قال بعض الناس : إن المنكرين لذلك إنما ينكرونه باللسان مع اعترافهم به في المعنى.

أما مشايخ المعتزلة ومثبتوا الأحوال ، فقد وصفوا الله تعالى بها مع تجددها كالسامعية والمبصرية والمريدية والكارهية ، وأبو الحسين أثبت العالميات المتجددة في ذاته (2)، والأوائل أثبتوا له تعالى إضافات متجددة زعموا أنها وجودية.

وأبو البركات البغدادي من متأخري المتفلسفة صرح بذلك واضطرب اضطرابا عظيما ، فأثبت لله تعالى إرادات متجددة غير متناهية سابقة ولاحقة يفعل شيئا ثم يريد بعده شيئا آخر فيفعل ثم يريد فيفعل وله إرادة ثانية أزلية.

والحق عندي أنه تعالى يستحيل أن يكون له صفة متجددة على ما عليه الجمهور ، لأنه تعالى غير متغير ، لاستحالة انفعاله عن غيره فلا يقبل التجدد.

واحتج الجمهور عليه بوجوه : الأول أن صفة الله تعالى إن كانت صفة كمال استحال خلوه عنها ، لأنه يكون نقصا وهو محال بالإجماع ، وإن كانت صفة نقص استحال ثبوتها له تعالى بالإجماع.

وأيضا لو كان الله تعالى قابلا للحوادث لوجب اتصافه بها أو بضدها ، لأن القابل للصفة لا يخلو عن ذلك ويلزم من ذلك اتصافه بالحوادث أزلا هذا خلف.

وأيضا المفهوم من قيام الصفة بالموصوف حصولها في الحيز تبعا لحصول الموصوف فيه والواجب ليس بمتحيز.

Bogga 324