ثم نقول : ذلك القديم إن كان هو الحروف والأصوات فهو باطل ، لأن كل واحد من الحروف حادث ، لأن اللفظ مركب من الحروف المتتالية والمتأخر محدث لتأخره والسابق كذلك لتقدمه على المحدث بزمان متناه ، فثبت أن القديم معنى من المعاني غير الحروف والأصوات.
وهذه الوجوه فاسدة :
أما الأول ، فلأنا لا نعقل معنى يغاير الإرادة هو الطلب ، وما ذكروه من وجود كل واحد منهما بدون الآخر فهو باطل ، فإنا دائما متى كنا مريدين كنا طالبين ، ولا فرق بين امتناع الطلب لتعذر المطلوب وامتناع الإرادة لتعذر المراد ، وما ذكروه من المثال فهو ضعيف ، فإنا نقول : ان السيد إنما يأمر بذلك من غير إرادة ولا طلب.
واما الثاني ، فانه يدل على ثبوت معنى غير الألفاظ ، ونحن نقول : ذلك المعنى هو الإرادة ، فإن أثبتوا شيئا آخر فعليهم البرهان.
واما الثالث ، فهو ضعيف ، أما أولا فلعدم إفادته اليقين بل والظن الغالب ، وأما ثانيا فلأنه يحتمل أن يكون أراد بذلك تصور الكلام.
واما الرابع ، فلأنا نقول : إنه تعالى متكلم بمعنى أنه فاعل للكلام لا على أنه صفة حقيقية في ذاته تعالى.
Bogga 306