قالت: لا ريب عندي فيما تقول، ولكنني سمعتك تقول كثيرا: إنك لا ترغب في الزواج مخافة حجز حريتك والارتباط بالعيال، فتجاسرت أن أخاطبك بهذا الشأن.
قال: نعم، إني لا أميل إلى الزواج، ولكن الإنسان متقلب في رأيه، فقد أجد في نفسي ميلا واحتياجا إليه.
قالت: وقد قال لي غانم كلاما آخر أحب أن أقصه عليك لغرابته، وهو أنه بلغه عزمك على وضع مالك في أحد البنوك، فتستولي على مبلغ مقرر في السنة، وتستمر كذلك إلى آخر حياتك، وإذا توفيت بعد زمان مديد يبقى المال للبنك.
قال: ما أزال على هذا العزم، وهي طريقة مناسبة للخلو من الشواغل والهموم، وبه التأمين من كل خطر وعطب على المال.
قالت: فكلامه إذن صحيح، ومرادك قطع الميراث عن ابن أختك.
قال: أكنت مكلفا بابن أختي؟! وهل يحملني أحد على التوصية له بمالي، وأنا حر إن شئت ورثته وإن شئت منعته، وما لأحد علي من سؤال؟
قالت: كنت أظنك على غير هذه الشعائر، وأحسب أنك تحب فؤادا، فظهر أنك لا تحب غير نفسك.
قال: إن أحببت نفسي فقد صنعت مثلك، فلا عتب علي ولا عيب، أنت تسعين في زواج فتاك لمصلحتك لا حبا به، حتى إذا تم الأمر تصرفت في ثروة امرأته كيف شئت، وأقمت في بحبوحة العيش والرغد، ووجدت ما يكفيك لحفظ مركزك بين ترائبك، وإتيان أسباب الترف والمباهاة، إذ إن إيرادك السنوي حاليا لا يزيد على مائتين وخمسين جنيها، وهو قليل في جنب ما تنفقين.
قالت: لم يكن حسباني أنك ترميني بسوء الظن، وتتهمني بما اتهمت قذفا وافتراء.
وبينما هي تتكلم دخل فؤاد فقطعت الحديث، وأشارت إلى همام بالكف عن الخطاب في هذا الموضوع.
Bog aan la aqoon