الأسدي أول من توفى منهن، وكانت كثيرة المعروف، فعلمن حينئذ أنه عليه الصلاة والسلام إنما أراد بطول اليد كثرة البر وبذل الوفر، وكنايته عليه الصلاة والسلام عن هذا المعنى بطول اليد مجاز وأتساع، لان الأغلب أن يكون ما يعطيه الانسان غيره من الرفد والبر أن يعطيه ذلك بيده فسمى النيل (1) باسم اليد، إذ كان في الأكثر إنما يكون مدفوعا بها ومجتازا عليها. وقد أشرنا إلى هذا المعنى فيما تقدم.
ومثل ذلك قول أمير المؤمنين علي عليه السلام: من يعط باليد القصيرة يعط باليد الطويلة، ومعنى هذا القول أن من يبذل خير الدنيا يجزه الله خير الآخرة، وكنى عليه السلام عما يبذل من نفع الدنيا باليد القصيرة لقلته في جنب نفع الآخرة، لان ذلك زائل ماض وهذا مقيم باق. وقد ذكرنا ذلك في كتابنا الموسوم بنهج البلاغة، وقد جمعوا اليد التي هي الجارحة على أيد وأياد، وهو شاذ فيها كما جمعوا اليد التي هي العطية على أياد وأيد وهو شاذ فيها (2)، وقد جاء أيضا في جمعها يدي (3). أنشدنا شيخنا أبو الفتح عثمان بن جنى،
Bogga 67