شوكته، ولا يسد طريقه ولا يؤمن طروقه. وقوله عليه السلام:
ألا يطلع إلينا نقابها (وهو يريد نقاب المدينة ولم يجر لها ذكر) من الفصاحة العجيبة، لأنه أقام علم المخاطبين بها مقام تصريحه بذكرها.
ومثل ذلك قوله سبحانه وتعالى: " ولو دخلت عليهم من أقطارها " والمراد المدينة، ولم يجر لها ذكر. ولذلك في القرآن نظائر. وكان شيخنا أبو الفتح النحوي - رحمه الله - يسمى هذا الجنس شجاعة الفصاحة، لان الفصيح لا يكاد يستعمله إلا وفصاحته جرية الجنان، غزيرة المواد.
13 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " إن الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا " (1)، وهذا الكلام من محاسن الاستعارات وبدائع المجازات، لأنه عليه السلام جعل الاسلام غريبا في أول أمره تشبيها بالرجل الغريب الذي قل أنصاره وبعدت دياره، لان الاسلام كان عليه هذه الصفة في أول ظهوره، ثم استقرت قواعده، واشتدت معاقده، وكثر أعوانه، وضرب جرانه. وقوله عليه الصلاة والسلام: " وسيعود غريبا " أي يعود إلى مثل الحالة الأولى في قلة
Bogga 32