في مجمع مشترك يضم جهودهم بعضًا إلى بعض. لقد حاول رجالنا في مصر والشام والعراق إيجاد هذا المجمع وإيجاد نواة له فلم يفلحوا. وطاحت الأيام بمجمع السيد توفيق البكري وبنادي حفني ناصيف وبالمجمع الذي أولف خلال الحرب الكبرى في مصر وبمجامع بيروت وبغداد وعمان وكلها ألفت بعد الحرب تلك. ولم يدم سوى المجمع العلمي العربي في دمشق وهو على قلة موارده وضعف وسائله قد قام في هذا الباب بخدمة لا ينكرها إلا كل مكابر فوضع أعضاؤه بضع مئات من الألفاظ العربية أو المعربة لمعان علمية في الزراعة والنبات والحشرات وعلم الطبيعة وغيرها ونشرت تباعًا في مجلته.
وبدت حاجتنا الملحة إلى وضع الألفاظ العلمية الجديدة منذ أوائل القرن التاسع عشر عندما أخذنا نترجم العلوم العصرية أو نؤلف فيها. وكان من المبرزين في ترجمة الكتب العلمية أو ضبط ألفاظها محمد عمر التونسي ومحمد عمران الهراوي. وممن جمعوا بين العلم واللغة العلمية احمد ندي وعلي رياض واحمد حمدي الجراح وغيرهم في مصر وفانديك ويوحنا ورتبات وجورج بوست وبطرس البستاني وبشارة زلزل في الشام. وما قصر المستشرقون في هذا الباب بل ظهر منهم علماء أعلام أضافوا إلى لغتنا عددًا لا يستهان به من الألفاظ العلمية وحددوا مدلول كثير من الألفاظ القديمة المشكوك فيها مثل فريتاغ ولين ودوزي ينفورث وغيرهم.
لكن الجهود التي بذلت في هذا السبيل سواء أكان مصدرها رجالنا أم المستشرقين ليست في الحقيقة سوى عمل ضئيل أننا واقفون حيارة تجاه آلاف من الألفاظ نحتاج إلى وضعها أو إلى أقرارها على الوجه الأمثل. وما برحنا نرقب تأسيس مجمع للغة العربية يتضافر عليه علماؤنا في العالم العربي وفي عالم المستشرقين فيضعون لنا معجمًا إفرنجيًا عربيًا تثبت فيه أهم الألفاظ العلمية مع مقابلها العربي أو المعرب ولعل المجمع الذي صدر مرسوم بتأليفه في مصر خليق بتحقيق هذه الأمنية إذا أحسنت الحكومة المصرية انتقاء أعضائه وأقصت عنه الأهواء السياسية ولم تبخل عليه بالوسائل المادية التي لا غنى عنها في هذا العمل المهم. ولا شك أن نجاح هذا المجمع سيكون مفخرة من مفاخر مصر كما أن إخفاقه سيلبس الذين كانوا علة هذا الإخفاق عارًا وخزيًا لا يمحوها كر الأيام والسنين.
هذا في العلم أما في الأدب فقد ظن أدباؤنا أن محاكاة رجالنا الأقدمين في نظمهم ونثرهم هو
1 / 36