138
مسألة المرأة المصرية
لحضرة الأستاذ المفكر الكبير فريد بك وجدي
في كل أمة مسالة خطيرة تكسب بحروف عريضة في المجلات والجراءة اليومية هي مسألة المرأة، ففي أوروبا ذات المدينة العتيقة وفي أمريكا صاحبة الحضارة الحديثة والحرية المطلقة تتجلى هذه المسألة بأشكال وحالات شتى.
يغم على الباحث الاجتماعي وجه الحل فيها فيكاد يعتقد أنها عضلة العقد، والمعمى الذي لا يفك ما دام الوجود الإنساني قائمًا.
ونحن الذين أخذنا لندفع وراء المدنية الأوروبية بغير حساب بحكم قانون التقليد الذي هو بعض ما تمنى به الأمم الضعيفة المغلوبة على أمرها حيال الأمم القوية، قد أصبح لدينا شيء يقال له مسألة المرأة أيضًا.
ولكن شتان بين الدوافع التي تدفعنا إلى الصباح والولولة والدوافع التي تدفع الغريبين لذلك، إنهم هنالك يشكون عافية الأضاليل الاجتماعية التي سماها كتابهم قبل قرن من الزمان باسم تحرير المرأة، فتأدوا بها إلى عكس ما يطلبون لها وإذا بلغ الشيء إلى حده انعكس بضده.
كانت المرأة في أوروبا مستعبدة ليس لها شخصية ممتازة فكانت لا ترث ولا تملك وقد غولى معها حتى حرم عليها الضحك وأكل اللحم ووضعت على فمها الأقفال الحديدية وحكم عليها بأنها مجردة عن الروح الإنسانية التي للرجل. فقام أفراد يطلبون لها الحرية، وحسنًا طلبوا لو كانوا وقفوا بمطالبهم عند حدود الحكمة ولكن دفعتهم الأهواء إلى تيه التعسف فطلبوا للمرأة باسمها كل شيء حتى ما ينافي وظيفتها ويفسد خصائصها، طلبوا أن تستخدم في المعامل وأن تكون محامية وطبيبة ومهندسة.
كان لهم ما طلبوا، فإن الدعوة إلى الأهواء لا تجد في العالم الإنساني حدًا تقف عنده إلا يوم يصيح بها صائح الفطرة فترتكس إلى الضد ولن تجد لسنة الله تبديلًا.
أصبح لأوروبا وأمريكا محاميات وطبيبات ومهندسات، وخرجت المرأة من التقاليد العائلية ولكن لا تنسى أن ترى أن بجانب كل مهندسة أو طبيبة أو محامية مائة ألف من بنات جنسها وقعت في أسر الأعمال الشاقة تكد أجسادهن الأعمال وتلفح وجوههن النار.
غصت المعامل بالنساء الضعيفات، وشحنت بهن مخازن التجارات، في مقابل أجور لا تبلغهن البلغة من العيش، وهل في ذلك من عجب بعد أن انزلهن محبوهن إلى ميدان

6 / 16