قال: وكيف تأمن من بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمد؟ فقال له عمر: ما أراك إلا قد صبأت وتركت دينك الذي أنت عليه، قال: أفلا أدلك على العجب يا عمر إن أختك وختنك قد صباءا وتركا دينك الذي أنت عليه، فمشى عمر حتى أتاهما وعندهما رجل من المهاجرين يقال له: خباب، فلما سمع خباب حس عمر توارى في البيت فدخل عليهما فقال: ما هذه الهيمنة التي سمعتها عندكم قال: وكانوا يقرؤون ﴿طه﴾ [طه: ١] فقالا: حديثًا تحدثناه بيننا، قال: قد صبوتما؟ فقال له ختنة: أرايت يا عمر إن كان الحق في دينك، فوثب عمر على ختنة فوطئه واشتدد عليه، فجاءت أخته فدفعته عن زوجها، فدفعها دفعة بيده أدمى وجهها، فقالت وهي غضبى: يا عمر إن كان الحق في غير دينك أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فلما تبين عمر قال: أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرأه، وكان عمر يقرأ الكتب، فقالت أخته: إنك نجس، ولا يمسه إلا المطهرون فقام واغتسل وتوضأ، ثم أخذ الكتاب فقرأ ﴿طه﴾ [طه: ١] حتى إلى قوله تعالى ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: ١٤] فقال عمر: دلوني على محمد، فلما سمع خباب قول عمر خرج من البيت فقال: أبشر يا عمر فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله ﷺ لك ليلة الخميس: «اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام» وقال: رسول الله ﷺ في الدار التي في أصل الصفا، فانطلق عمر حتى أتى الدار، قال: وعلى الباب حمزة وطلحة وناس من أصحاب رسول الله ﷺ فلما أقبل وجل القوم، قال حمزة: نعم هذا عمر، وإن يرد الله بعمر خيرًا هداه إلى الإسلام، وإن يرد غير ذلك فقتله علينا هين.
فلما سمع به رسول الله ﷺ، ولم يعلم أنه جاء إلى الإسلام خرج إليه وأخذ بمجامع ثوبه نترة نترة، فما تمالك أن وقع على ركبتيه وقال: «ما أنت بمنته يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل الله بالوليد بن المغيرة» ثم قال: «اللهم اهد عمر بن الخطاب، اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب» فقال عمر: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله، فكبر المسلمون تكبيرة سمعها أهل مكة، ونزل جبريل وقال: يا محمد استسر أهل السماء بإسلام عمر (١) .
_________
(١) انظر: ابن سعد في الطبقات الكبرى (٣/٢٦٨) وقد روى قصة إسلامه بنحو ما هاهنا عن أنس بن مالك أيضًا، وانظر نوادر الأصول (١/٢٢٧) ففيه قصة إسلام عمر ولكن من حديث عائشة.
وروى الطبراني في المعجم الأوسط (٢/٢٤٠، رقم ١٨٦٠) من هذه القصة: «عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ دعا عشية الخميس فقال: «اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام فأصبح عمر يوم الجمعة فأسلم»، ورواه أيضًا الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (٧/١٤٣، رقم ٢٥٧٦) .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٩/٦٢): رواه الطبراني في الأوسط وفيه القاسم بن عثمان البصري وهو ضعيف.
1 / 94