لبست رداء الفخر في صلب آدم ... فما تنتهي إلا إليك المفاخر
ولله بدر في السماء منور ... وأنت لنا بدر على الأرض زاهر
وأما عدد الأنبياء والمرسلين فقد جاء في رواية مسند أحمد في حديث أبي ذر أنه سأل رسول الله ﷺ عن أشياء منها قال: قلت: يا رسول الله كم عدد الأنبياء قال: «مائة ألف وأربعة وعشرون ألف نبي، الرسل من ذلك ثلاثمائه وخمسة عشر جمًا غفيرًا» (١)
وكلهم خلقوا من رسول الله ﷺ.
لكن قال العلماء: الأولى أن لا يقتصر على عدد في التسمية، فقد قال الله تعالى:؟مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ؟ [غافر: ٧٨]، ولأنه لا يأمن في ذكر العدد أن يدخل فيهم من ليس منهم، إن ذكر عدد أكثر من عددهم، ويخرج منهم من هو منهم إن ذكر عددًا أقل من عددهم، وكلهم -صلوات الله عليهم وسلامه- كانوا مخبرين مبلغين عن الله تعالى صادقين ناصحين، وهم معصومون من الكبائر والصغائر، قبل النبوة وبعدها، عمدًا سهوًا.
وفي إرسال الرسل حكمة أي: مصلحة وعاقبة حميدة فإن الله تعالى أرسلهم مبشرين لأهل الإيمان والطاعة بالجنة والثواب، ومنذرين لأهل الشرك والطغيان بالنار والعقاب، ومبينين للناس ما يحتاجون إليه من أمور الدين والدنيا، فإن العقل لا يستقل بمعرفة كل ما يحتاج إليه الإنسان من أمور الدين والدنيا، فقد خلق الله الأجسام النافعة والضارة ولم يجعل للمعقول والمحسوس الاستقلال بمعرفتها، فكان من فضل الله ورحمته إرسال الرسل لبيان ذلك، كما قال ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٧] .
فائدة: لولا النبي ﷺ لم يخلق الله نبيًا من الأنبياء ولا شيئًا من الأشياء، فإن الله لما
_________
(١) أخرجه أحمد في المسند (٥/١٧٨، رقم ٢١٥٨٦) عن أبي ذر.
وأخرجه أيضًا: الطيالسي في مسنده (ص ٦٥، رقم ٤٧٨)، والطبراني في المعجم الكبير (٨/٢١٧، رقم ٧٨٧١)، وابن حبان في صحيحه (٢/٧٦، رقم ٣٦١)، وابن سعد في الطبقات الكبرى (١/٣٢)، وهناد بن السري في الزهد (٢/٥١٦، رقم ١٠٦٥)، والبيهقي في شعب الإيمان (٣/٢٩١، رقم ٣٥٧٦) .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (١/١٥٩): رواه أحمد والطبراني في الكبير، ومداره على علي بن يزيد وهو ضعيف.
1 / 87