رواية: «وجعل أمته آخر الأمم وأقصر الأمم أعمارًا حتى لا يطول مكثهم تحت التراب، ولا يجتمع عليهم الذنوب الكثيرة» (١) .
قال: ويدل على ذلك ما روي عن أنس بن مالك عن رسول الله ﷺ عن جبريل ﵇ عن ربه ﷿ قال: «إني مننت عليك بسبعة أشياء: أولها: أني لم أخلق في السماوات والأرض أكرم علي منك، والثاني: أن مائة ألف وأربعة وعشرين ألف نبي كلهم مشتاقون إليك، والثالث: لم أعط أمتك مالًا كثيرًا حتى لا يطول عليهم الحساب، والرابع: لم أطول أعمارهم حتى لا تجتمع عليهم الذنوب الكثيرة، والخامس: لم أعطهم من القوة كما أعطيت من قبلهم حتى لا يدَّعوا الربوبية كما ادعت الأمم السابقة، والسادس: أخرجهم في آخر الزمان حتى لا يطول مكثهم تحت التراب، والسابع: لا أعاقب أمتك كما عاقبت بني إسرائيل إذا أصابهم دم الحيض في ثيابهم أمرت بقطعه، ولا يجوز الغسل منه، وإذا أذنبوا ذنبًا وجدوه مكتوبًا على أبوابهم» (٢) .
ومن خصائص نوح: أنه عاش هذا العمر الطويل فلم تنقص له قوة.
ومنها: أنه لم يبالغ أحد من الرسل في الدعوة مثل ما بالغ، فكان يدعو قومه ليلًا ونهارًا سرًا وإعلانًا كما قال تعالى حكاية عنه ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلاَّ فِرَارًا﴾ [نوح: ٥، ٦] ولم يلق نبي من الضرب والشتم وأنواع الأذى والجفاء ما لقي.
ومنها: أنه جعل ثاني النبي ﷺ في الميثاق وفي الوحي قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ﴾ [الأحزاب: ٧]، وقال: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [النساء: ١٦٣] .
ومنها: أنه أول من تنشق عنه الأرض بعد نبينا ﷺ.
ومنها: أن الله حفظه ومن معه في الفلك من الغرق، وأجراه فوق الماء وسماه عبدًا
_________
(١) لم نقف على هذه الرواية.
(٢) لم نقف عليه.
1 / 84