الأطباء حتى ترك علاجها، فسمع يومًا صوت طبيب من الطرقيين ينادي في الدرب فقال: هاتوه ينظر في أمري، فقالوا: ما تصنع بطرقي، وقد عجز عنك حذاق الأطباء؟ فقال: لابد لي منه، فلما أحضروه ورأى القرحة استدعى بخنفساء فضحك الحاضرون، فتذكر الرجل العليل القول الذي سبق منه فقال: احضروا ما طلب فإن الرجل على بصيرة، فاحضروا له الخنفساء ورد رمادها على قرحته فبريء بإذن الله تعالى، فقال للحاضرين ما وقع منه قال: إن الله أراد أن يعرفني أن أحسن المخلوقات أعز الأدوية.
وخص نوح -صلوات الله وسلامة- عليه بخصائص منها: أنه لم يسم أحد من الأنبياء باسمه.
ومنها: أنه كان أول أنبياء الشريعة، وأول داع إلى الله وأول من عُذبت أمته لعدم الإيمان به، وأهلك الله الأرض بدعوته، كما قال تعالى حكاية عنه ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا﴾ [نوح: ٢٦، ٢٧] .
ومنها: السفينة التي ركبها في الطوفان، وسنذكر قصة السفينة وكم كان طولها وعرضها، ومن أي شيء كانت، وكم أقام فيها في الكلام على عاشوراء.
ومنها: أنه كان أطول الأنبياء عمرًا كما صرح به النووي في تهذيب الأسماء واللغات، ولهذا يقال له كبير الأنبياء، وشيخ المرسلين عاش ألفًا وخمسمائه سنة قاله الكسائي والثعالبي، أو مائه وخمسين سنة قاله كعب الأحبار، وقيل: غير ذلك، وباقي الأنبياء لم يبلغوا هذا العمر.
أما آدم فقيل: إنه عاش تسعمائه وستين سنة، لكن قال النووي في تهذيبه: اشتهر في كتب التاريخ أنه عاش ألف سنة، ولازالت أعمار الأنبياء في القصر والتناقص، فمنهم من عاش ثلاثمائه، ومنهم من عاش دون ذلك، وأما نبينا محمد ﷺ فإنه عاش ثلاثًا وستين سنة، وهكذا أعمار غالب أمته ما بين الستين إلى السبعين كما ورد في الترمذي: «أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك» (١)، وفي
_________
(١) أخرجه الترمذي في سننه (٤/٥٦٦، رقم ٢٣٣١)، وقال: هذا حديث حسن غريب، وابن ماجه في سننه (٢/١٤١٥، رقم ٤٢٣٦)، والحاكم في المستدرك (٢/٤٦٣، رقم ٣٥٩٨)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وابن حبان في صحيحه (٧/٢٤٦، رقم ٢٩٨٠)، والطبراني في المعجم الأوسط (٦/٨٥، رقم ٥٨٧٢)، وأبو يعلى في مسنده (١٠/٣٩٠، رقم ٥٩٩٠)، والديلمي في مسند الفردوس (١/٤١٢، رقم ١٦٦٨)، والأصبهاني في طبقات المحدثين بأصبهان (٤/٣٠٤، رقم ٦٨٧) عن أبي هريرة.
1 / 83