وما يزال الحجاز ولن يزال، قطبا تتجه إليه القلوب والوجوه اتجاه المغناطيس إلى قطبه ، وموردا تهفو إليه الأفئدة كما تهفو الطير إلى المناهل، استجابة للدعوة:
ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون .
وفي الحجاز ذكرى الأخلاق العربية، والشمائل الحجازية، وقصص الشعر، أقوالا وأفعالا، وقصائد ووقائع يدوي بها الشمال، حيث بنو عذرة وجيرانهم، إلى الجنوب حيث هذيل وأوطانهم.
وفتوة العرب في المواسم، وأمثالهم في المكارم، ترددها مجامع الحجيج منذ الجاهلية في مكة ومنى وعرفات، وتصدى بها محافل الأسواق في عكاظ ومجنة وذي المجاز.
أسفار من التاريخ للدنيا وللدين، وصفحات من السير والعبر للمعتبرين.
يقول جغرافيو العرب: إن الحجاز هو الجبال الحاجزة بين الأرض العالية نجد، وبين الساحل الواطئ تهامة؛ فهو إذا الجبال الممتدة بين نجد وتهامة من خليج العقبة إلى عسير، ولكن اسم الحجاز في العرف يشمل تهامة أيضا. وقد قدمنا تقسيم بلاد العرب كما رواه ياقوت.
وطول الحجاز من الشمال إلى الجنوب سبعمائة ميل، وعرضه مائتان وسبعون ميلا.
وجبال تهامة تقسم هذا الإقليم قسمين: ساحل ضيق هو تهامة، وهضب أوسع يمتد شرقا إلى نجد وهو الحجاز.
وتمتد شرقي الحجاز سلسلة من أرض بركانية ذات حجارة سود نخرة، كأنها أحرقت بالنار، وأكثرها بين المدينة والشام، ومنها حرة سليم إلى الجنوب الشرقي من المدينة، وحرتا المدينة: الحرة الشرقية والحرة الغربية، وحرة خيبر.
وفي حرة بني سليم يقول النابغة في قصيدته التي مطلعها:
Bog aan la aqoon