السير : وما كان من كتبهم أي الكفار فيه طب وما لا مكروه فيه ، بيع ، وما كان فيه شرك بطل وانتفع بأوعيته.
وقال في الأم في سير الواقدي في باب ترجمة كتب الأعاجم ، قال الشافعي : وما وجد من كتبهم فهو مغنم كله ، وينبغي للإمام أن يدعو من يترجمه ، فإن كان علما من طب أو غيره لا مكروه فيه ، باعه كما يبيع ما سواه من المغانم. وإن كان كتاب شرك شقوا الكتاب فانتفعوا بأوعيته وأداته فباعها ، ولا وجه لتحريقه ولا دفنه قبل أن يعلم ما هو. انتهى.
فقوله في الأم : «كتاب شرك» مفهم لأنه كله شرك ، ولهذا عبر المزني عن ذلك بقوله : وما كان فيه شرك ، أي من أبواب الكتاب وفصوله.
وأدل من ذلك قولهم في باب الأحداث : أن حكمها في مس المحدث حكم ما نسخت تلاوته من القرآن في أصح الوجهين : والتعبير «بالأصح» على ما اصطلحوا عليه ، يدل على أن الوجه القائل بحرمة مس المحدث وحمله لها قوي.
وأدل من ذلك ما ذكره محرر المذهب ، الشيخ محي الدين النووي رحمه الله في مسائل ألحقها في آخر باب الأحداث من شرح المهذب وأقره ، أن المتولي قال : فإن ظن أن فيها شيئا غير مبدل ، كره مسه. انتهى.
فكراهة المس للاحترام فرع جواز الإبقاء والانتفاع بالقراءة.
وأصرح من ذلك كله قول الشافعي رحمه الله : أن ما لا مكروه فيه يباع. وكذا قول البغوي في تهذيبه في آخر باب الوضوء : وكذلك لو تكلم أي الجنب بكلمة توافق نظم القرآن أو قرأ آية نسخت قراءتها أو قرأ التوراة والإنجيل أو ذكر الله سبحانه أو صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ، فجائز.
قالت عائشة رضي الله عنها : كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه (1).
فإنه لا يتخيل أنه يجوز للجنب ما لا يجوز للمحدث ، بل كل ما جاز للجنب قراءته من غير أمر ملجئ جاز للمحدث ، ولا عكس.
Bogga 37