وإنما كان الأولى ، في رواية الإسرائيليات ، ما ذكرنا دفعا لمناقشة بعضهم على الإسرائيليات المتداولة في التفاسير بأنها لم ترو في كتب الحديث المشهورة حتى تكون المرجع ، ولم تؤخذ من أسفارهم حتى تتطابق معها ، فارتأى النقل عنها لذلك ، لا اعتقادا بسلامتها من التحريف المحقق ، كلا. بل توسعا في باب الأخبار للاستشهاد والاعتبار. قياما بالحجة على الخصم من معتقده ، وناهيك بذلك.
قال ابن حزم في كتاب الملل والنحل ، بعد ما أوضح البراهين العديدة على تحريفهم وتبديلهم : إن الله تعالى كما أطلق أيديهم في تبديل ما شاء رفعه من ذينك الكتابين ، كف أيديهم عما شاء إبقاءه من ذينك الكتابين ، حجة عليهم.
وممن كان يرى جواز النقل عن كتبهم ، من قدماء الشافعية ، الإمام الماوردي. كما تراه في مواضع من كتابه «أعلام النبوة».
وممن حقق هذا البحث الإمام برهان الدين البقاعي ، ثم الدمشقي ، في تفسيره «المناسبات» الذي قال عنه شيخ الإسلام القاضي زكريا : «ما ألف نظيره وجدير بأن يكتب بماء الذهب» كما حكاه عنه تلميذه الإمام الهيتمي في آخر فتاويه الحديثية. وهاك ما قاله البقاعي ، رحمه الله ، في تفسير قوله تعالى : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ) [البقرة : 34] ، ما نصه : فإن أنكر منكر الاستشهاد بالتوراة أو بالإنجيل ، وعمي عن أن الأحسن في باب النظر أن يرد على الإنسان بما يعتقده ، تلوت عليه قول الله تعالى استشهادا على كذب اليهود ( قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين ) [آل عمران : 93] ، وقوله تعالى : ( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا ) [المائدة : 48] في آيات من أمثال ذلك كثيرة.
وذكرته باستشهاد النبي صلى الله عليه وسلم بالتوراة في قصة الزاني (1). وروى الشيخان (2) عن
Bogga 35