Mahasin Tawil
محاسن التأويل
Noocyada
** تنبيه :
إنما كرر الأمر بالهبوط للتأكد والإيذان بتحتم مقتضاه ، وتحققه لا محالة. أو لاختلاف المقصود. فإن الأول دل على أن هبوطهم إلى دار بلية يتعادون فيها ولا يخلدون. والثاني أشعر بأنهم اهبطوا للتكليف. فمن اتبع الهدى نجا. ومن ضله هلك.
** «فوائد»
الأولى : ذهب كثيرون إلى أن الجنة التي أهبط منها آدم عليه السلام ، كانت في الأرض. قال بعضهم : هي على رأس جبل بالمشرق تحت خط الاستواء. وحملوا الهبوط على الانتقال من بقعة إلى بقعة ، كما في قوله تعالى : ( اهبطوا مصرا ) [البقرة : 61] ، واحتجوا عليه بوجوه :
أحدها : أن هذه الجنة : لو كانت هي دار الثواب ، لكانت جنة الخلد ، ولو كان آدم في جنة الخلد ، لما لحقه الغرور من الشيطان بقوله : ( هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ) [طه : 120] ، ولما صح قوله : ( ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة ، إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين ) [الأعراف : 20].
وثانيها : أن من دخل هذه الجنة لا يخرج منها لقوله تعالى : ( وما هم منها بمخرجين ) [الحجر : 48].
وثالثها : لا نزاع في أن الله تعالى خلق آدم عليه السلام في الأرض ، ولم يذكر في هذه القصة أنه نقله إلى السماء ، ولو كان تعالى قد نقله إلى السماء ، لكان ذلك أولى بالذكر ، لأن نقله من الأرض إلى السماء ، من أعظم النعم. فدل ذلك على أنه لم يحصل. وذلك يوجب أن المراد من الجنة غير جنة الخلد.
ورابعها : روى مسلم (1) في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «سيحان وجيحان والفرات والنيل ، كل من أنهار الجنة».
قال ابن مفلح : أكثر الناس على أن المراد بالجنة التي أسكنها آدم جنة الخلد ، دار الثواب. ثم قال : قال شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية : وهذا قول أهل السنة والجماعة ، ومن قال إنها جنة في الأرض بالهند أو جدة ، أو غير ذلك ، فهو من
Bogga 296