227

[غافر : 60] ، فسماه عبادة.

وفي الخبر : «الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل» (1).

قال شمس الدين بن القيم : ولهذا كان العبد مأمورا في كل صلاة أن يقول : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) والشيطان يأمر بالشرك ، والنفس تطيعه في ذلك ، فلا تزال النفس تلتفت إلى غير الله ، إما خوفا منه ، أو رجاء له ، فلا يزال العبد مفتقرا إلى تخليص توحيده من شوائب الشرك ، ولذا أخبر سبحانه عن المشركين أنهم ما قدروه حق قدره في ثلاثة مواضع من كتابه ، وكيف يقدره حق قدره من جعل له عدلا وندا يحبه ، ويخافه ، ويرجوه ، يذل ويخضع له ، ويهرب من سخطه ، ويؤثر مرضاته ، والمؤثر لا يرضى بإيثاره انتهى.

(فائدة) قال بعض السلف : الفاتحة سر القرآن ، وسرها هذه الكلمة ( إياك نعبد وإياك نستعين ): فالأول تبرؤ من الشرك ، والثاني تبرؤ من الحول والقوة ، والتفويض إلى الله عز وجل . وهذا المعنى في غير آية من القرآن كما قال تعالى : ( فاعبده وتوكل عليه ) [هود : 123] ، ( قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا ) [الملك : 29] ، ( رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا ) [المزمل : 9].

** القول في تأويل قوله تعالى :

* (اهدنا الصراط المستقيم) (6)

أي ألهمنا الطريق الهادي ، وأرشدنا إليه ، ووفقنا له.

قال الإمام الراغب في تفسيره : «الهداية دلالة بلطف. ومنه الهدية ، وهوادي الوحش وهي متقدماتها لكونها هادية لسائرها. وخص ما كان دلالة بفعلت نحو : هديته الطريق ، وما كان من الإعطاء بأفعلت نحو أهديت الهدية ، ولما يصور العروس على وجهين : قيل فيه : هديت وأهديت. فإن قيل : كيف جعلت الهدى دلالة بلطف وقد قال تعالى : ( فاهدوهم إلى صراط الجحيم ) [الصافات : 23] وقال تعالى : ( كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير ) [الحج : 4] قيل :

Bogga 230