Mahasin Tawil
محاسن التأويل
Noocyada
جميع الثوابت واحد وأنه جسم صلب. والحقيقة خلاف ذلك. فإن لكل كوكب فلكا يجري فيه وحده ، وكل كوكب يتحرك بذاته لا بحركة غيره ، والكواكب جميعا سابحة في الفضاء ، أو بعبارة أصح في الأثير مادة العالم الأصلية غير مركوزة في شيء مما يتوهمون. وبهذه الحقائق جاء الكتاب الحكيم والناس في الظلمات والأوهام يتخبطون ..! قال الله تعالى : ( وكل في فلك يسبحون ) [الأنبياء : 33] ، والتنوين في لفظ «كل» عوض عن الإضافة. والمعنى : كل واحد من الكواكب في فلك خاص به يسبح بذاته. وفي قوله ( يسبحون ) إشارة إلى مادة العالم الأصلية الأثير التي تسبح فيها الكواكب كما تسبح الأسماك في الماء. فليست الأفلاك أجساما صلبة تدور بالكواكب كما كانوا يزعمون .....!
المسألة التاسعة : نص الكتاب العزيز على جود الجذب العام للكواكب كافة من جميع جهاتها ، فقال : ( والسماء ذات الحبك ) [الذاريات : 7] ، ( أم السماء بناها ) [النازعات : 27] ، ( هل ترى من فطور ) [الملك : 3] ، فالكون كله : كالجسم الواحد الكبير ، محكم البناء ، لا خلل فيه ، كما قال : ( وما لها من فروج ) ويتخلله الأثير كما يتخلل ذرات الجسم الصغير ( فتبارك الله أحسن الخالقين ) [المؤمنون : 14].
المسألة العاشرة : كان الناس في سالف الأزمان لا يدرون من أين يأتى ماء المطر ، ولهم في السحاب أوهام عجيبة ، كما كانت لهم في كل شيء سخافات وخرافات ..! ولكن القرآن الشريف تنزه عن الجهل والخطأ فقال : ( ألم تر أن الله يزجي سحابا ) إلى قوله : ( فترى الودق يخرج من خلاله ) [النور : 43]. وقال : ( أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ) [الزمر : 21]. ومقتضى الآيتين : أن الماء العذب الذي نشربه ونسقي به الأرض سواء كان من الينابيع أو من الأنهار هو من الأمطار الناشئة من السحاب ، ومن أين يأتي السحاب؟ هو بخار من بحار هذه الأرض! أي : أن السحاب هو من الأرض ، وهو عين قوله تعالى : ( أخرج منها ماءها ومرعاها ) [النازعات : 31] ، أي : أن الماء جميعه أصله من الأرض وإن شوهد أنه ينزل من السحاب ...!
فهذه كلها آيات بينات ، ومعجزات باهرات ، دالة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم ، وصحة القرآن». كلامه بحروفه.
وقال أيضا :
«من عجيب أمر هذا القرآن أن يذكر أمثال هذه الدقائق العلمية العالية ، التي
Bogga 212