Mahasin Tawil
محاسن التأويل
Noocyada
الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حديث الشفاعة (1):
«إن الناس يقولون : يا آدم! أنت أبو البشر ، خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وعلمك أسماء كل شيء». وأيضا قوله : «الأسماء كلها». لفظ عام مؤكد ، فلا يجوز تخصيصه بالدعوى.
وقوله : ( ثم عرضهم على الملائكة ) لأنه اجتمع من يعقل ومن لا يعقل ، فغلب من يعقل. كما قال : ( فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع ) [النور : 45]. قال عكرمة : «علمه أسماء الأجناس دون أنواعها ، كقولك : إنسان ، وجن ، وملك ، وطائر». وقال مقاتل بن السائب. وابن قتيبة : «علمه أسماء ما خلق في الأرض من : الدواب ، والهوام ، والطير».
ومما يدل على أن هذه اللغات ليست متلقاة عن آدم ، أن أكثر اللغات ناقصة عن اللغة العربية. ليس عندهم أسماء خاصة للأولاد والبيوت والأصوات وغير ذلك مما يضاف إلى الحيوان. بل إنما يستعملون في ذلك الإضافة. فلو كان آدم عليه السلام علمه الجميع لعلمها متناسبة. وأيضا ، فكل أمة ، ليس لها كتاب ، ليس في لغتها أيام الأسبوع ، إنما يوجد في لغتها اسم اليوم والشهر والسنة ، لأن ذلك عرف بالحس والعقل ، فوضعت له الأمم الأسماء ، لأن التعبير يتبع التصور. وأما الأسبوع فلم يعرف إلا بالسمع ، لم يعرف أن الله تعالى خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش إلا بأخبار الأنبياء الذين شرع لهم أن يجتمعوا في الأسبوع يوما يعبدون الله فيه ، ويحفظون به الأسبوع الذي بدأ الله فيه خلق هذا العالم. ففي لغة العرب والعبرانيين ومن تلقى عنهم أيام الأسبوع ، بخلاف الترك ونحوهم ، فإنه ليس في لغتهم أيام الأسبوع لأنهم لم يعرفوا ذلك فلم يعبروا عنه.
فعلم أن الله تعالى ألهم النوع الإنساني أن يعبر عما يريده ويتصوره بلفظه. وأن أول من علم ذلك أبوهم آدم ، وهم علموا كما علم ، وإن اختلفت اللغات. وقد أوحى الله إلى موسى بالعبرانية ، وإلى محمد بالعربية ، والجميع كلام الله. وقد بين الله من ذلك ما أراد من خلقه وأمره ، وإن كانت هذه اللغة ليست الأخرى ، مع أن العبرانية من
Bogga 140