120

============================================================

154مفاتيح الاسرار ومصابيح الآبرار الفصل العاشر في حكمي المفروغ والمستأنف وطرفي التضاد والترتب على قاعدتي الخلق والأمر اعلم أن لفظ المفروغ والمستأنف إنما أخذ من الشيخين العمرين أبي بكر وعمر -رضوان الله عليهما-، حيث تكلما في القدر ، وارتفعت أصواتهما حتى بلغ النبية -صلى الله عليه وآله - صوتهما وهو في الحجرة، فخرج إليهما، ووجنتاه كأنهما رمانة شقت بنصفين؛ فقال -عليه وآله اللام -: "فيم أنتم؟" قالوا: نتكلم في القدر. فقال: "هلا تكلمتم في ملك خلقه الله تعالى نصفه من نار ونصفه من ثلج، فلا النار تذيب الثلج، ولا الثلج يطفئ النار، تسبيحة سبحان من جمع بين النار والتلج". فقام إليه عمر حتى جلس عنده، وقال: يا رسول الله! أنحن في أمر مبتدأ أم نحن في أمر مفروغ؟ وفي رواية قال: الأمر أنف؟ فقال -عليهالسلام-: "نحن في أمر مفروغ عنه" . فقال عمر: إن كان الأمر قد فرغ منه ففيم العمل إذأ؟ فقال -عليه وآله السلام - : "يا عمرا اعملوا وكل ميسر لما خلق له."(294) فأخذ لفظ المفروغ والمستأنف من ذلك المجلس؛ وذهب قوم إلى أن الأحكام كلها ل م فروغة مقدرة في الأزل؛ والخلق مجبورون تحت مجاري الأقدار، لا يملكون تأخرا عما قدمهم إليه ولا يستطيعون 213 ب * تقدما إلى ما أخرهم عنه، حتى بلغوا إلى حد التفريط في تفي الاستطاعة وإثبات تكليف ما لايطاق.

وذهب قوم إلى أن الأحكام كلها مستأنفة مقدرة على اختيار العبد؛ والمكلفون كلهم مختارون في مجاري التكليف بما يكون النفع والضر، ويحدثون الإيمان والكفر، حتى بلغوا في حد الإفراط إلى إثبات الاستقلال ونفي الاستعانة في جميع الأفعال.

والمذهبان محمولان على طرفي الافراط والتفريط؛ ومصدرهما اختلاف الشيخين في الحكمين؛ ولو عرفوا أن القول فيه أمر بين أمرين، لاجبر ولا تفويض، وأن المفروغ والمستأنف على منال ملك نصفه من نار ونصفه من تلج، والنار جانب المفروخ، والنلجا جانب المستأنف؛ وكما لايذيب النار الثلج ولا يطفئ الشلج النار، كذلك لايبطل حكم ليتهنل

Bogga 120