باب المجازاة.
فاما قوله ﴿وَأَوْفُواْ [٣٤ب] بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾ فانما جزم الآخر لانه جواب الامر، وجواب الامر مجزوم مثل جواب ما بعد حروف المجازاة، كأنه تفسير "إنْ تَفْعلوا" أُوفِ بَعَهْدِكُم وقال في موضع آخر ﴿ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ﴾ وقال ﴿فَذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ﴾ فلم يجعله جوابا، ولكنه كأنهم كانوا يلعبون فقال "ذَرْهُم في حال لعبهم" وقال ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ﴾ وليس من أجل الترك يكون ذلك، ولكن قد علم الله انه يكون وجرى على الاعراب كأنه قال: "إنْ تركتهم أَلْهاهُم الامل" وهم كذلك تركهم او لم يتركهم. كما ان بعض الكلام يعرف لفظه والمعنى على خلاف ذلك، وكما ان بعضهم يقول: "كَذَبَ عليكُمُ الحجّ".
فـ"الحجُّ" مرفوع وانما يريدون ان يأمروا بالحج. قال الشاعر: [من الكامل وهو الشاهد الثامن والاربعون]:
كَذَبَ العتيقُ وماءُ شنٍّ باردٍ * إن كنتِ سائِلتي غَبوقًا فاذْهَبي
وقال: [من الوافر وهو الشاهد التاسع والاربعون]:
وذُبْيانِيةٌٍ توصي بينها * أَلا كَذَبَ القراطِفُ والقُروفُ
1 / 81