لعمري لقد حكمت لا متورعا
ولا كنت فيما يبرم الحكم عالما!
و«هزيلة» اسمها. فلما سمع عمليق بالشعر غلى صدره غضبا وصاح: ما أعندكن يا نساء جديس، والله لا زفت منكن عذراء إلا لقيتها قبل بعلها.
وأقام وأقامت جديس على ذلك دهرا، حتى زوجت صبية جديسية كانت عنيدة حقا، فلم يجد الرواة أليق منها باسم الشموس، أي الجامحة النفور، وغاظها أن يزينها النساء أحسن زينة، ثم يسيروا بها في موكب إلى منزل عمليق وهن يتغنين:
أبدي بعمليق وقومي فاركبي
وبادري الصبح لأمر معجب
فسوف تلقين الذي لم تطلبي
وما لبكر عنده من مهرب!
أجل، غاظها أنهن كن يتغنين، وفي أنغامهن العذوبة والغبطة، ولم تجد أقبح من تلك الأصوات الجميلة والغبطة الذليلة، وأثار جنونها أن يبيت معها هذا المفترس عمليق، وأن يرضى قومها بهذا الذل، فقطعت هزيعا من الليل بعد هزيع وهي تغالب عمليقا وتحاول أن تدفع عنها بهيميته، فما استطاعت، ولكنها عزمت، إذا بزغ الصبح، أن تصنع شيئا لم تصنعه جديسية قبلها، فلقد كانت الجديسيات، إذا نحر عمليق عفافهن على مذبح بهيميته، ينطلقن إلى أزواجهن مطأطئات الرءوس مسربلات بالخزي والعار، وكان أزواجهن يتلقونهن مستسلمين إلى واقع الأمر، كأنه ناموس الدنيا من يوم خلقت إلى يوم تضمحل، أما هي فلن توطن نفسها على مثل هذا الخضوع والاستسلام.
وجعلت إذا نظرت إلى وجه عمليق تتحرق؛ لأن يدها فارغة من خنجر تغمده في صدره، ويح السلاح! إنه همجية في الإنسان، ومع ذلك فالإنسان يحس في حين أنه مسلوب الإنسانية إذا كان بلا سلاح!
Bog aan la aqoon