إلا وهم شركاء في دمائهم
كما تشارك أيسار على جزر قادتهم الحمية إلى المنية، وكرهوا عيش الذلة، فماتوا موت العزة، ووثقوا بمالهم في الدار الباقية، فسخت نفوسهم عن هذه الفانية، ثم لم يشربوا كأسا من الموت إلا شربها شيعتهم وأولياؤهم، ولا قاسوا لونا من الشدائد إلا قاساه أنصارهم وأتباعهم، داس عثمان بن عفان بطن عمار بن ياسر بالمدينة، ونفى أباذر الغفاري إلى الربذة، وأشخص عمار بن [عبد] قيس التميمي، وغرب الأشتر النخعي وعدي بن حاتم الطائي، وسير عمر بن زرارة إلى الشام، ونفي كميل بن زياد من العراق، وجفا ابن أبي كعب وأقصاه، وعادى محمد بن أبي حذيفة وناواه، وعمل في ذم محمد بن أبي بكر فأعمل، وفعل مع كعب ذي الحكنة ما فعل، واتبعه في سيرته بنو أمية يقتلون من حاربهم، ويغدرون بمن سالمهم لا يحفظون المهاجري ولا يصونون الأنصاري، ولا يخافون الله، ولا يخشون الناس، قد اتخذوا عباد الله خولا، ومال الله دولا، يهدمون الكعبة، ويستعبدون الصحابة، ويعطلون الصلاة المؤقتة، ويسيرون في حرم المسلمين سيرتهم في حرم الكفار،وإذا فسق الأموي فلم يأت بالصلاة على كلالة حتى قتل معاوية حجر بن عدي الكندي وعمر بن الحمق الخزاعي بعد الأيمان المؤكدة، والمواثيق المغلظة، وحتى قتل زياد بن سمية الألوف من شيعة البصرة والكوفة صبرا، وأوسعهم حبسا وأسرا حتى قتل الله معاوية على أسوأ أعماله، وختم عمره بشر أحواله، فاتبعه ابنه يجهز على جرحائه، ويقتل ابناء قتلائه إلى أن قتل هانئ بن عروة المرادي ومسلم بن عقيل الهاشمي أولا، وعقب بالحر بن يزيد الرياحي وبأبي موسى، وبعمر وابن فرصنة الأنصاري وحرب بن مطهر الأسدي وعبد الله بن عمير الكلبي، ومسلم بن[عوسجة] الأسدي، وسعيد بن عبد الله الحنفي، ونافع بن هلال الحملي وحنظلة بن أسعد الشاكري وعاشر ابن أبي شبيب الشاكري في نيف وعشرين من جماعة شيعته، وأمر بالحسين يوم كربلاء، ثم سلط عليهم الدعي بن الدعي عبيد الله بن زياد فصلبهم على جذوع النخل، وقتلهم ألوان القتل حتى اجتث الله دابره، فانتبه لنصرة أهل البيت طائفة أراد الله أن يخرجهم من عهدة ما صنعوا، ويغسل عنهم وضرة ما اجترحوا، فصمدوا ضد الفئة الباغية، وطلبوا بدم الشهيد الدعي ابن الزانية لا يزيدهم قلة عددهم، وانقطاع مددهم، وكثرة سواد أهل الشام بآرائهم إلا إقداما على القتل والقتال، وسخاء بالنفوس والأموال، حتى اقتل سليمان بن صرد الخزاعي، والمسيب بن نجية الفزاري، وعبد الله بن كامل التميمي في رجال من خيار المؤمنين وعلية التابعين، ومصابيح الأنام وفرسان الإسلام، ثم سلط آل الزبير على الحجاز والعراق، فقتلوا المختار بعد أن شفى غيظ آل محمد، واقتضى لهم الأوتار وأدرك الثأر، وأفنى الأشرار، وطلب بدم المظلوم الغريب فقتل قاتله ونفى خاذله، واتبعوا أبا عمرو بن كيسان، وأحمد بن سميط ورفاعة بن يزيد والسائب بن مالك وعبد الله بن كامل وتلقط [بقايا] الشيعة يمثلون بهم كل مثلة، ويقتلونهم شر قتلة حتى طهر الله من عبد الله بن الزبير البلاد، وأراح من أخيه مصعب العباد، فقتلهما عبد الملك بن مروان:{وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون}[الأنعام:129].
Bogga 116