198

ويرد طه: «نعم، كنا عشرة، كان أحمد أمين يسميهم العشرة الطيبة: هيكل ومصطفى عبد الرازق وعلي إبراهيم والمراغي وعبد العزيز فهمي ولطفي وعبد القادر حمزة وأحمد أمين والعقاد وأنا، إنه زميل قديم وكاتب كبير. على أنه، وهذا هو الأهم، رجل بمعنى الكلمة، لقد جاءني بعض الشباب يوما فانتهى حديثهم إليه، وأخذوا يوجهون إليه من الانتقاد ما كانوا يعتقدون بغير شك أنه سيرضيني، فقلت لهم إن هناك في أغلب الظن، في نفس ذلك الوقت، شبابا مثلهم في مجلس العقاد يحاولون أن ينالوني بمثل ما تحاولون أنتم أن تنالوه به، وقلت إنني ما أظن العقاد سيسر بذلك أو سيعجب به، فإنني أنا لم أسر بما قلتموه الآن عنه، ولم أعجب به.

إن العقاد كان هو النائب الوفدي الوحيد الذي وقف في مجلس النواب يدافع عني ضد هجمات زملائه، وهو مدرك أن رئيس المجلس وهو سعد زغلول باشا ذاته، لم يكن يكره في ذلك الوقت أن تزداد نار هجومهم اشتعالا. وبعد سنوات، عندما أقصاني حلمي باشا عيسى عن الجامعة ثم عن الحكومة، كتب العقاد مقالا عنوانه أن حل مشكلة الجامعة هو أن يستقيل وزير المعارف، وختمه بأن أحدا لن يأسف على استقالة الوزير لا من خصومه ولا حتى من رجال حزبه!»

ويقول الأستاذ السباعي: «لقد قامت بينكما مساجلات في موضوعات شغلت الصحف المصرية كلها، مثلا خلافكما حول الثقافة اللاتينية والثقافة السكسونية، والذي استفاد حقيقة من هذه المساجلات هو جمهور القراء.»

ويقول طه: «لم يرد في هذه المساجلات لفظ واحد ينبو عنه الذوق السليم، ولقد كانت سببا ووسيلة لتنشيط حياتنا الأدبية.»

ويقول السباعي: «لقد أهديت قصتك دعاء الكروان إليه.»

ويرد طه قائلا: «نعم، قلت إنها تحية خالصة من صديق مخلص.»

ويقول السباعي: «ولكنك انتقدت بعنف بعض كتبه، مثلا كتابه عن أبي نواس.»

ويقول طه: «وهل ينتقد الكاتب من أعمال زملائه إلا ما يستحق العناية به؟ على أن انتقادي كتاب العقاد عن أبي نواس ناشئ أساسا عن استعمال العقاد فيه لأساليب المحللين النفسيين، ولست أدري حظ هؤلاء المحللين النفسيين من التوفيق في تعاملهم مع الأحياء، فكيف بتحليلنا لنفس الأموات؟ وعندنا الدكتور مصطفى زيور، وهو من تلاميذي الذين أحبهم، ولكني أداعبه دائما بالتشكيك في هذا العلم الذي تعلمه في باريس.»

وبعد لحظة سكوت يقول طه حسين: «أظن يحسن أن نسأل عن الأستاذ العقاد ولو أن الوقت متأخر.»

ويطلب السكرتير منزل الأستاذ العقاد بالتليفون ويتحدث طه حسين إلى من يرد عليه، ثم يقول: «الحمد لله، وإذن نراه في جلسة المجمع القادمة إن شاء الله.» •••

Bog aan la aqoon