آه ... هو شيء كتمته في صدري، وسيصحبني يا أرباط إلى قبري؛ وهو حبي لمونيم، ذات القوام القويم، الذي خلد لوعتي، وأطلق عبرتي، وأثار النار في فؤادي، وحرمني لذة رقادي، ورهبا من والدي متريدات، كنت أكتمه وأكابد الحسرات؛ ولهذا طلبت من أبي مقاطعة كلسوس، فأجاب طلبي وصرت حليف النحوس، واخترت البعد عن الإقامة؛ لأسلم من غوائل الملامة، وكذلك أعطى أخي مقاطعة البون؛ لما رأى من المخالفة والجنون، وقصد عدم رؤيته، والراحة من ثقالته. ومنذ حكمت في كلسوس إلى الآن، وأنا في وطيس الكروب والأحزان، رقادي سهاد، ورشادي فساد، وسروري كمد، وحبوري نكد، وأعظم شيء أوهن مني الجنان، هو أيها الوزير الكتمان، خشية من أبي، أن يعجل عطبي، وحيث الآن قتل والدي وشرب كأس الدمار، حضرت لأنتقم من أعدائه الأشرار، وبعد حين من الزمان، أعرض لدى مونيم قلبي المهان، وأظهر لها وجدي المكين، فعساها تقبلني لها قرين، وأعيش معها بالصفاء، حاصلا على الراحة والشفاء.
أرباط :
مونيم يا سيدي لا ترغب سواك، وقصارى آمالها أن تراك.
أكسيفار :
وأنا بغيتي رضاها، ولا أشتهي قرينة سواها، ولكن أيها الوزير، بلغني أن أخي الخئون الحقير، أظهر لها الحب والتسهيد، وانخلط عليها بعنف شديد، ومراده أن يجبرها على الاقتران، إذا قابلت طلبه بغير الإذعان.
أرباط :
نعم يا سيدي، وقع ذلك من أخيك، ولكنها رفضت طلبه رغبة فيك، وأظن أنها لا تجيب له طلب، ولو أذاقها أنواع العذاب والعطب.
أكسيفار :
وأنا لا أسلمها له مدى الزمان، وأجبره ألا يذكرها تجاه إنسان. فسر وبشره بضد مراده، وحذره أن يرجع عن غدره وعناده، وإلا أسقه كأس الدمار، من حد هذا البتار، إذا خالف مقاصدي ولو مرة، أرجع عليه غدره وشره ... وأنت من الآن فاختر لنفسك سيدا منا، أو فاعتزل في كل الأمور عنا، وجانب كل حسن وقبيح، لتعيش مريحا ومستريح.
أرباط :
Bog aan la aqoon