Lessons of Sheikh Osama Suleiman
دروس الشيخ أسامة سليمان
Noocyada
استشعار النبي ﵊ في العام العاشر بقرب أجله وأدلة ذلك
وفي العام العاشر شعر النبي ﵊ باقتراب أجله، فخرج ﵊ لخمس ليال بقين من ذي القعدة -وهذا ما قرره صاحب الرحيق المختوم، ورجحه ابن حجر في فتح الباري- وأذن في الناس ﵊ وأعلن أنه قاصد مكة لأداء الحج، فجاء الناس إليه من كل فج عميق، ليأتموا بسيد البشر ﷺ في هذه الحجة، إذ إن النبي ﵊ قد شعر باقتراب أجله كما ذكرنا، والأدلة على ذلك كثيرة، ومنها: أنه قال للناس في خطبة جامعة هي أعظم خطبة في تاريخ البشرية المسماة بـ (خطبة الوداع): (اسمعوا عني فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا)، وكذلك أيضًا وهو يرمي الجمرات في أيام التشريق قال لهم: (خذوا عني مناسككم فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا).
وبعد أن أتم خطبة الوداع مباشرة على عرفة أنزل الله عليه: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا﴾ [المائدة:٣]، فبكى عمر بن الخطاب ﵁، فتعجب الصحابة من بكائه، فقال: يا قوم! وهل بعد الكمال إلا النقصان، وكان النقصان الذي توقعه عمر هو موت الحبيب محمد ﷺ.
وفي أيام التشريق أيضًا أنزل الله على نبيه ﵊: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾ [النصر:١ - ٣]، قال ابن عباس: أرى أن الله ينعى محمدًا لأمته، كيف ذلك؟ قال: ألم تقرءوا قول الله: «فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ»، والاستغفار دائمًا يكون في ختام الشيء، فأرى أن هذه السورة هي ختام حياة النبي محمد ﷺ.
ولما أرسل ﵊ معاذًا إلى اليمن في العام العاشر من الهجرة قال له: (يا معاذ! لعلك لا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك تمر بقبري، فبكى معاذ وقال: فداك أبي وأمي يا رسول الله)، فكل هذه الأدلة تشير إلى أن النبي ﵊ قد استشعر اقتراب أجله.
4 / 3