169

Lessons by Sheikh Al-Albani

دروس للشيخ الألباني

Noocyada

نقض استدلال من يقول بجواز أخذ الأجرة على القرآن ذلك الحديث هو قوله ﵊: (إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله) هذا الحديث في صحيح البخاري كما ذكرنا، وإنما قلنا: إنه لا يجوز الاستدلال به دراية مع صحته رواية؛ لأن لهذا الحديث مناسبة جاءت مقرونة مع الرواية نفسها، وهو في صحيح البخاري -كما قلنا- من رواية أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه: أنه كان في سرية مع جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فمروا بقبيلة من القبائل العربية، فطلبوا منهم أن ينزلوا عليهم ضيوفًا، فأبوا، فنزلوا بعيدًا عنهم، فقدر الله ﵎ أن أرسل عقربًا فلدغت أمير القبيلة، فأرسل أحد أتباعه إلى هؤلاء الذين أرادوا أن ينزلوا عليهم فأبوا، وقال: انظروا لعل عندهم شيء؛ لأنهم من أهل الحضر، فجاء الرسول من قبل ذلك الأمير، فعرض عليه أحد الصحابة أن يعالجه، ولكن اشترط عليه رءوسًا من الغنم -أنا نسيت الآن، إما عشرًا وإما مائة- وهو رئيس قبيلة وغني، فقبل ذلك، فما كان منه إلا أن رقاه بالفاتحة بعد أن مسح بالبصاق مكان اللدغ، فكأنما نشط من عقال هكذا يقول في الحديث، فأخذ الجعل وأتى به إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم محتاطًا لعله لا يجوز أن يستفيد منه، فقال له ﵊ الحديث السابق: (إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله) . فاختلف العلماء هنا، فالجمهور أخذ بالحديث مفسرًا بالسبب، والشافعية أخذوا بالحديث دون ربطه بالسبب، وهذا هو السبب في الخلاف، وينبغي أن يكون معلومًا لدى كل طالب للعلم، أن من الضروري جدًا لمن أراد التفقه ليس في السنة فقط، بل وفي القرآن أيضًا، أن يعرف أسباب نزول الآيات، وأسباب ورود الأحاديث. فقد ذكر علماء التفسير أن معرفة سبب نزول الآية يساعد الباحث على معرفة نصف معنى الآية، والنصف الثاني يؤخذ من علم اللغة، وما يتعلق بها من معرفة الشريعة.

12 / 4