Lawaqih Anwar
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Daabacaha
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Sanadka Daabacaadda
1315 هـ
واحتم حمية قبل الشربة تكون باطنا، ولا تشرب إلا شرابا يكون فيه محو، وسكر آه آه ما أحلى هذه الطريق ما أسناها ما أمرها ما أقتلها ما أجلاها ما أحياها ما أصعبها ما أكبدها ما أكثر مصايدها ما أصعب مواردها ما أعجب واردها ما أعمق بحرها ما أكثر أسدها ما أكثر مددها ما أكثر عقاربها، وحياتها فبالله با أولادي لا تتفرقوا، واجتمعوا يحمكم الله تعالى من الآفات ببركة أستاذكم، وكان رضي الله عنه يقول: كيف تطلب ليلى وأنت ليلا، ونهارا مع عذالها، ولوامها، والمنكرين على أهل حضرتها، والمعترضين عليهم، والخائنين لعهودهم إنما تبرز ليلى لمن تهتك فيها، ولم يقبل عذل عذالها، ولم يسمع لكلام المنكرين على أهل حضرتها، وليلى لا تحب من يحب سواها أو يخطر في سره محبة لسواها إنما تحب من كان بشرابها ثملان، ولهان ذهلان غرقان بشوان هيمان حتى لو اجتمع الثقلان على أن يلووا قلبه عنها، وأن يحلوا عقدة عهدها معه ما استطاعوا فانظر حالك يا ولي، وكان يقول: يا أولاد قلبي لا تجالسوا أرباب المحال، وزخرف الأقوال، ولقلقة اللسان، وجالسوا من هو مقبل على ربه حتى أخذت منه الطريق، ودقه التمزيق، وتفرق عنه كل صديق حتى عاد كالخلال، وذاب جسمه من تجرع شراب سموم الطريق، وصار نومه أفضل من عبادة غيره لأنه في نومه في حضرة ربه، وربما كان العابد في عبادته مع نفسه.
وكان رضي الله عنه يقول: عليكم بتصديق القوم في كل ما يدعون فقد أفلح المصدقون، وخاب المستهزئون فإن الله تعالى يقذف في سر خواص عباده ما لا يطلع عليه ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا بدل ولا صديق، ولا ولي مما أشا قلت هذا من عندي إنما هو كلام أهل العلم بالله تعالى فما للعاقل إلا التسليم، وإلا فاتوه وفاتهم، وحرم فوائدهم، وخسر الدارين، وكان رضي الله عنه يقول: علامة المريد الصادق أن يكون سائرا في الطريق ليلا، ونهارا غدوا، وأبكارا لا مقيل له ولا هدو. وجواده قد فرغ من اللحم، وامتلأ من الشجاعة والهم قد شف مطيته السرى، وأسقمها البرى لا يقيد همته مقيد، ولا يهوله مهلك، ولا توجعه ضربات الصوارم، ولا يشغله شيطان غوى، ولا مارد جنى كل من خاصمه في محبوبه عاد مخصوصا لا يهدأ، ولا ينام، ولا يصحو بل الدهر كله له سرى حتى يدخل خيام ليلى، ويضع خده على أطناب الخيام فإذا سمع الخطاب بالترحيب من الأحباب انتعش، وطاب، وسمع الخطاب بالترحيب من قاب قوسين هناك استراح يا طالما قطعت براري، وقفارا، وجبالا، وبحارا وظلاما، ونارا يا طول ما تعبت، وتعنيت، ويا طول ما رجع غيرك من الطريق، وجئت فأكرم الله تعالى مثواك، ولا خيب مسعاك أنت اليوم ضيف عندنا، ويومنا لا انقضاء له أبد الآبدين، ودهر الداهرين.
وكان يقول: من شأن الفقير أن لا يكون عنده حسد، ولا غيبة ولا بغى ولا مخادعة ولا مكابرة ولا مماراة ولا ممالقة ولا مكاذبة ولا كبر ولا عجب ولا ترف ولا افتخار، ولا شطح ولا حظوظ نفس، ولا تصدر في المجالس، ولا رؤية نفس على أخيه، ولا جدال ولا امتحان، ولا تنقيص، ولا سوء ظن بأحد من أهل الطريق، ولا ممن تزيق بالزيق، ولا يقدح قط في صاحب خرقة إلا إن خالف صريح الكتاب، والسنة اختيارا، وكان يقول: من شرط الفقير أن لا يكون عنده التفات إلى مراعاة المخلوقين له في الحرمة، والجاه، والقيام، والقعود، والقبول، والإعراض وغير ذلك من الأحوال الظاهرة لأنه لا يراعي إلا الله تعالى وكان رضي الله عنه يقول: ما دام أنا وأنت فلا حب إنما الحب التمازج، واختلاط الأرواح بالأجساد وكان يقول: ليس أحد من القوم مبتدعا إنما هم متبعون في الأدب لسيد الأمم، وقد قال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا " " النور: 27 " فلقد كان أحدهم بعد نزولها إذا وقف يقول نعم ثلاث مرات فإن أذن له، وإلا رجع من حيث أتى وكان يقول: كان السلف يخافون من آفات الاجتماع فلذلك آثروا العزلة إلا في صلاة الجمعة، وحضور مجالس العلم التي لا رياء فيها ولا جدال، ولا عجب، ولا مداراة، والسلامة من هذه الأمور في زماننا هذا قل أن توجد فعليك بالوحدة بعد معرفة ما أوجب الله تعالى إليك فإنك يا ولدي في القرن السابع الذين أكثرهم يجعلون شريعة السالك قدحا في الشريعة، وحقيقة المحبة بدعا في الطريق كأنهم ما علموا قط عطاء الله، ومواهب مدد الله وخوارق عجائبه بل رأوا من سوء حالهم أن باب العطاء قد أغلق فمن اعتقد ذلك فإنما هو معترض على الله تعالى في فعله، ونعوذ بالله من التعرض فإنه لا بد لأهل حضرته تعالى من التمييز عن المعرضين عنها ليشتاق المعرضون إليها حين يرون الخوارق تقع على يد أوليائه فما أجهل من جهل قدر الفقراء، وما أعماه أيش يقال في قوم كلهم
Bogga 147