وقالت بصوت فاتر: هذا صحيح، ولكن ...
قال: ولكن ماذا؟
وقفزت إلى رأسها فجأة صورة عم عثمان بشاربه الكث الطويل كأنه حيوان بري يرقد على شفته العليا، ووجهه الأسود اللامع، وشفتاه الغليظتان الزرقاوان تنقلبان إلى أعلى وإلى أسفل لتبينا عن أسنانه البيضاء الكبيرة.
وانتفض جسمها الصغير، وهي تقول بصوت ضعيف: ولكن عم عثمان يسهر طول الليل على دكته كأنه لا ينام كبقية الناس، وسوف يراني حين أعود بعد منتصف الليل.
ورن صوت قهقهة في الليل الساكن، وألقى برأسه إلى الوراء في حركة تنم عن الطمأنينة وخلو البال: عم عثمان؟ وما شأن عم عثمان بك؟ إنه بواب العمارة فقط، ولا دخل له على الإطلاق في حياتك، تعودين أول الليل أو آخره هذا من شأنك أنت؛ إن وظيفة البواب هي أن يراقب الغرباء عن العمارة لا أن يراقب السكان.
وقالت في أسى: بل إنه يراقب السكان فحسب. - ها ها ها ... لم أكن أتصور أنك تخافين من عم عثمان إلى ذلك الحد.
قالت في تمرد: إنني لا أخاف منه، ولكني لا أحب أن يظن بي سوءا؛ إنه من أقاصي الصعيد حيث تلبس المرأة العباءة.
قال: ولكنه يعيش في القاهرة ويرى المرأة المتحررة التي تدخل وتخرج كالرجال.
قالت: إنه لا يفهم ذلك. لقد قالت لي الخادمة العجوز ذات يوم أنه حدثها عن سوء سلوك إحدى الساكنات لأنها تتأخر بالليل أحيانا.
قال: أليس من المحتمل أن عملها يؤخرها ليلا، أو أنها في حفلة، أو أي شيء من هذا القبيل؟
Bog aan la aqoon