مقدمة الطبعة الثانية
وضعت هذا الكتاب من إحدى عشرة سنة،
1
ولو استوى له أحد عشر قرنا، ثم كتبت له يومئذ مقدمة، لكان هو هو كما أصفه اليوم، كتاب ليس له قبل وليس له بعد؛ فهو دائر مع النهار والليل على معنى آخره في الإنسانية أوله، معنى إذا قلت فيه إنه يجيء مع كل مولود، فقد قلت إنه لا يموت مع أحد من الموتى.
ستقرأ في الكتاب وصف «الشيخ علي» الذي أسندت إليه الكلام، وجعلته فيما أستوحيه كالخيط من شعاع السماء تهبط عليه تلك المعاني التي خلد عليها جمال الخلد؛ «فالشيخ علي» هذا هو رمز في كل دهر لثبات الجوهر الإنساني على تحول الأزمنة في أشكالها المختلفة؛ ومن ثم تعيش مع الإنسانية معاني هذا الكتاب، فهو من روحها صورة وحلية وجاذبية. ومن عجيب الحكمة أنه ما من نبي أو حكيم أو شاعر يترجم إلى لسان الحياة ما هو أسمى من الحياة، إلا استمد ذلك من مساكين الحياة خاصة؛ هم أبدا السحابة المستوية المخيلة لمطر العواطف
2
على جدب الروح الإنسانية في الأرض، ولعلهم لذلك يتراكمون في الحياة من سواد كالغمائم، ويتشققون من نار كالبروق، ويجلجلون برعود يئنون فيها، ويتبجسون بمطر يبكون به.
3
وأعجب من ذلك أنك لا تجد من شيء يحدث من ذي نفسه مثل هذا الأثر،
4
Bog aan la aqoon