وأما ما كان يروى أن من مات لا إمام له مات ميتة جاهلية، فتفسيره واضح مشروح أن الله قد فرض على خلقه في كل حين إقامة أحكامه وشرائعه التي نزل في كتابه وسنن نبيه ولا يقيم ما فرض الله من الأحكام إلا أن يحكم بها الإمام فإن لم يكن إمام يقيمها ويحكم بها كان على الناس طلبه حتى يقيموه للأحكام وينفذها فإذا كانت دار الإسلام قد غلب عليها أئمة الجور لزم أهل الإسلام مجاهدتهم وإزالتهم حتى يقيموا إماما عدلا يؤمهم ويقيم أحكامهم عليهم وينفذ مقاسم الفي التي أمر الله بقسمها فيهم فإن كان الغالب عليهم الجورة من الأئمة الظلمة كان الفرض من الله فيهم المحاربة والمجاهدة فإنما الناس أبدا بين أمرين: إما أن يكون مع إمام حق يقوم بأحكام الله في الدين، فيكونوا مؤتمين بإمام حق ورشد في الدين، وإن كانوا في دولة الظالمين العاصين فيلزمهم أن يكونوا لهم مجاهدين محاربين فهم أيضا في هذه الحال مأمومين والناس في كل حين بين فريضتين من الله لازمتين فيما حكم الله به من أحكام الدين فرض طاعة إمام حق إن كان ظاهرا قائما أو فرض مجاهدة إمام جور إذا كان غالبا ظالما.
وسألته: من أين جاء فساد إمامين في عصر واحد، فقال: أما الإمامان فلا يخلوان من أن يكون أحدهما أفضل من الآخر فيكون المفضول بفضل الآخر عليه قد زالت إمامته ويلزمه تقديم الفاضل في الدين والعلم وطاعته، وذلك أن الله يقول في كتابه وفوق كل ذي علم عليم، وفي هذه المسألة جواب يكفي به من كان ذا لب شافي لأنه واضح مبين مفهوم كافي.
Bogga 70