Book of Visits by Shaykh al-Islam Ibn Taymiyyah
كتاب الزيارة من أجوبة شيخ الإسلام ابن تيمية
Tifaftire
سيف الدين الكاتب
Daabacaha
دار مكتبة الحياة الطباعة والنشر
صحيحا والرجل ليس بصالح فإن هذه الأقسام موجودة فيمن يقول مثل هذا القول، أو من يقول: إن الدعاء مستجاب عند قبر بعينه، وإنه استجيب له الدعاء عنده، والحال أن ذاك إما قبر معروف بالفسق والابتداع، وإما قبر كافر، كما رأينا من دعا فكشف له حال القبور فبهت لذلك، ورأينا من ذلك أنواعا.
واصل هذا: أن قول القائل: إن الدعاء مستجاب عند قبور الأنبياء والصالحين قول ليس له أصل في كتاب الله، وسنة رسوله، ولا قاله أحد من الصحابة، ولا التابعين لهم بإحسان، ولا أحد من أئمة المسلمين المشهورين بالإمامة في الدين: كمالك والثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبي عبيدة، ولا مشايخهم الذين يقتدى بهم: كالفضيل بن عياض، وإبراهيم بن أدهم، وأبي سليمان الداراني، وأمثالهم.
ولم يكن في الصحابة والتابعين والأئمة والمشايخ المتقدمين من يقول: إن الدعاء مستجاب عند قبور الأنبياء والصالحين، لا مطلقاً، ولا معيناً. ولا فيهم من قال: إن دعاء الإنسان عند قبور الأنبياء والصالحين أفضل من دعائه في غير تلك البقعة، ولا أن الصلاة في تلك البقعة أفضل من الصلاة في غيرها. ولا فيهم من كان يتحرى الدعاء ولا الصلاة عند هذه القبور؛ بل أفضل الخلق وسيدهم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم - وليس في الأرض قبر اتفق الناس على أنه قبر نبي غير قبره وقد اختلفوا في قبر الخليل وغيره - واتفق الأئمة على أنه يسلم عليه عند زيارته وعلى صاحبيه، لما في السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((ما من رجل يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام)) وهو حديث جيد. وقد روى ابن أبي شيبة والدارقطني عنه؛ ((من صلى علي عند قبري سمعته، ومن صلى علي نائياً أبلغته)) وفي إسناده لين. لكن له شواهد ثابتة؛ فإن إبلاغ الصلاة والسلام عليه
31