Khulasat Athar
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
Daabacaha
دار صادر
Goobta Daabacaadda
بيروت
ثمَّ تَغَيَّرت أَحْوَاله وفسدت أطواله واشتهرت فِي أَيَّامه الرِّشْوَة وأبطل كثيرا من الْحُقُوق حَتَّى ضجر مِنْهُ أهل دمشق وأعياهم الْجهد وَقَامَت عوامها على سَاق فرجموه عِنْد خَنْدَق القلعة بَين سوق الأروام والعمارة الأحمدية وأفحشوا فِي رجمه وَكَانَ رجمه يَوْم دُخُول السَّيِّد مُحَمَّد باشا الْوَزير إِلَى دمشق حَاكما بهَا وَقد كَانَ طلع لاستقباله فَكَانَ النَّاس يشيرون إِلَى الْوَزير بالشكاية عَلَيْهِ فِي وَجهه يتظلمون وَهُوَ سَاكِت وَلم يزل النَّاس ممسكين أَيْديهم عَن الرَّجْم إِلَى أَن دخل الْوَزير الْمَذْكُور إِلَى دَار الْإِمَارَة ففارقه القَاضِي فَاسْتَقْبلهُ النَّاس عِنْد انْصِرَافه يصيحون فِي وَجهه ويقابلونه بِكَلِمَات لَا تلِيق وأعقبوا ذَلِك بِالرَّجمِ حَتَّى فرّ مِنْهُم هَارِبا وأدركه مَعَ ذَلِك مَا أدْركهُ من الْأَحْجَار وهجاه بعد ذَلِك أَبُو الْمَعَالِي الْمَذْكُور بقصيدة طَوِيلَة سَمَّاهَا رفع الغواشي عَن ظلم الإياشي وَقسمهَا فصولًا وَجعل كل فصل فِي حَال من أَحْوَاله وابتدأها ببيتين من شعر أبي الْفَتْح الْمَالِكِي مفتي الْمَالِكِيَّة بِالشَّام وهما قَوْله
(الشَّام تبْكي بدموع غزار ... بكاء ثَكْلَى مَا لَهَا من قَرَار)
(بكاء مظلوم لَهُ نَاصِر ... لَكِن بعيد الدَّار والخصم جَار)
ثمَّ ذكر فصولها فَمن ذَلِك قَوْله مُشِيرا إِلَى ظلمه مَعَ وَكيله لرجل بِدِمَشْق يُقَال لَهُ عقيص مَاتَ خلف ثَلَاثَة آلَاف قِرْش وَأخذ مِنْهَا ألفا فَقَالَ
(كَيفَ اسْتحلَّ ألف قِرْش لنا ... وَجُمْلَة المَال ثَلَاث كبار)
(وَجُمْلَة الْأَوْقَاف فِي عَهده ... تبَاع فِي الدَّلال بيع الْخِيَار)
(ويدعى الرقة فِي طبعه ... مثل المخاديم الموَالِي الْكِبَار)
ثمَّ عزل عَن قَضَاء الشَّام بعيد رجمه بِقَلِيل وَاتفقَ عَزله يَوْم عيد النَّحْر من سنة ثَمَان بعد الْألف فَقيل فِي تَارِيخ عَزله
(رجم الإياشي فِي دمشق وجاءه ... عزل وَكَانَ الْعِيد عيدًا أكبرا)
(وسئلت عَن تَارِيخه فأجبتهم ... بِالْعَزْلِ شَيْطَان رجيم دمرا)
وَكَانَت وَفَاته فِي سنة عشر بعد الْألف والإياشي بِفَتْح الْهمزَة بعْدهَا يَاء مثناة ثمَّ ألف فشين مُعْجمَة نِسْبَة إِلَى إياش بليدَة يصنع بهَا الصُّوف من نواحي أنقرة بِبِلَاد قرمان وَالله أعلم
أَحْمد بن سِنَان الْمَعْرُوف بالقرماني الدِّمَشْقِي صَاحب التَّارِيخ الْمَشْهُور وَأحد الْكتاب الْمَشْهُورين كَانَ كَاتبا منشئًا حسن الْعبارَة قدم أَبوهُ سِنَان إِلَى دمشق وَولي
1 / 209