وجوه أُخَر، لا يختص ذلك عنده بمراسيل سعيد كما يتوهمه بعض الفقهاء من أصحابنا، فإن قيل إذا وُجد المسند فالعمل به لا بالمرسل، قلنا المرسل الذي يُعمل به، ما كان راويه ثقة متقِنًا، ليس فيه إلا الإرسال، بخلاف المسند فإن راويَه ليس كراوِيِه، فَجَعْلُ الأول أصلًا والثاني تابعًا أولى من عكسه.
ونقل البيهقي وغيره عن الشافعي أن المرسل إن أسنده حافظ بذلك الإسناد غير مرسل وأرسله عن غير شيوخ الحديث الأول أو عضده قول الصحابي أو فتوى أكثر العلماء أو عُرِف أنه لا يرسل إلا عن عدلٍ، قُبِل (١).
قال البيهقي أيضًا (٢): الشافعي ﵁ يقبل مراسيل كبار التابعين إذا انضم إليها ما يؤكدها، ولا يقبلها إذا لم ينضم إليها ما يؤكدها، سواء كان مرسل ابن المسيب أو غيره.
والثاني: إذا روى ثقةٌ حديثًا مرسلًا، ورواه غيره متصلًا؛ كحديث ... "لا نِكَاحَ إِلاَّ بِوَليٍّ" (٣).
رواه إِسرائيلُ وجماعةٌ [عن أبي إسحاق] (٤) عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي ﷺ، [ورواه الثوري وشعبة عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي
_________
(١) الرسالة للإمام الشافعي (ص ٤٦٢ - ٤٦٣).
(٢) مناقب الشافعي للبيهقي (٢/ ٣٢).
(٣) أخرجه أبو داود (٢٠٨٥) والترمذي (١١٠١) وابن ماجه (١٨٨١).
(٤) ما بين معقوفين سقط من المطبوعة وأثبتناه من (ز)، (د).
1 / 73