سائر من روى ذلك الحديث؛ مثاله حديث "وَجُعِلَتْ لَنَا الأَرْضُ مَسجِدًا وجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا " (١)، فهذه الزيادة تفرد بها أبو مالك سعد بن طارق الأشجعي وسائر الروايات لفظها "وجُعِلَت لَنَا الأرضُ مَسجِدًا وطَهُورًا " (٢).
فهذا وما أشبهه، يشبه القسم الأول، من حيث إن ما رواه الجماعة عام أي يتناول الحَجَر والرَّمل والتُّراب، وما رواه المنفرد بالزِّيادة مخصوص، وفي ذلك مغايرة في الصفة ونوع من المخالفة، يختلف به الحكم ويشبه أيضا القسم الثاني، من حيث إنه لا منافاة بينهما.
قال الخطيب (٣): مذهب الجمهور من الفقهاء وأهل الحديث أن الزيادة من الثقة مقبولة، إذا انفرد بها، سواءٌ كانت من شخص واحد، بأن رواه مرة ناقصًا وأخرى زائدًا، أم كانت من غير من رواه ناقصًا خِلافًا لمن ردَّ ذلك مُطلَقًا من أهل الحديث، ولمن ردَّها منه وقَبِلَها من غيره، وإذا أسنده وأرسلوه أو وصَله وقطعوه أو رفعه ووَقَفُوه، فهو كالزيادة.
وقيل: الإرسال نَوعُ قَدحٍ في حديث الواصل، فترجيحه وتقديمه من قبيل تقديم الجرح على التعديل، ويُجاب عنه؛ بأن الجرح قُدِّم لما فيه من زيادة العلم، والزيادة ههنا مع مَن وَصَل.
_________
(١) أخرجه مسلم (٥٢٢) من حديث أبي مالك الأشجعي عن ربعي عن حذيفة به.
(٢) أخرجه البخاري (١/ ٩١،١١٩) ومسلم (٥٢١) وأحمد (٣/ ٣٠٤) والنسائي (١/ ٢٠٩) وغيرهم.
(٣) الكفاية (ص ٤٢٤ - ٤٢٥).
1 / 63