3
تكلمنا عما يجب أن يكتسبه الخطيب ليساعد الفطرة ويزيد رأس ماله، وينمي فيه قوة الاختراع، ونأتي الآن على صفات أخرى لا تكتسب بالدرس، وإنما هي تتعلق بالمزاج والأخلاق والتربية الأدبية.
على الخطيب أن يكون:
أولا:
رابط الجأش، ساكن الجوارح، لا يأخذ منه الغضب ولا يفرغ عنده الصبر، فإن الذي لا يكون سيدا على أهواء نفسه لا يستطيع أن يتحكم بأهواء سواه. وإذا احتاج إلى الغضب فليكن غضبه خطابيا، فكما أن الممثل يجتهد أن يجعل تمثيله طبيعيا مطابقا للواقع، ولا يمنعه ذلك من طلاء وجهه بالدهان، فالخطيب يقدر أن يخلع على سحنته ما يريد من الملامح دون أن يمس إخلاصه أو يخل بموقفه الطبيعي.
ثانيا:
أن يكون بسيكولوجيا؛ أي نقابا، صادق الحس، ملهما، عجيب الفراسة، بعيد مطارح النظر، يدخل إلى أعماق القلوب، ويقف على مكنونات الصدور ليخاطب كل فئة على حسب هواها، ويحمل عليها على أقدار منازلها، فلا يكلم سيد الأمة بكلام الأمة، ولا الشباب بكلام الشيوخ، ولا العمال بكلام أصحاب المال، ويكون له فضل التصرف في كل طبقة.
ثالثا:
أن يكون سلسا، لين العريكة متضعا، يمتزج بمن يخاطبهم، ويقرب ما بينه وبينهم، فيكون في الظاهر خادما لهم وهو السيد المطلق، ويجاريهم في أهوائهم كلما قضت الحال، لأنه لا يطاع إلا إذا عرف أن يطيع كربان السفينة يلين للريح ويسايرها ليسلم بمركبه فلا يتحطم دون الشاطئ.
رابعا:
Bog aan la aqoon