Khawatir Khayal
خواطر الخيال وإملاء الوجدان
Noocyada
لو كان الغناء وسيلة للظفر ويتسنى بها من هذه الوجهة ترقي الجنس لوجب أن توجد موافقة وتوازن بين ترقي الغناء وترتيب درجات الكائنات الحية، فلم لا يكون القرد أمهر في الموسيقى من العندليب، ونشاهد أن مظاهر أصوات فصيلة البهائم ذات الأثداء ليست إلا لغطا ينشأ من ظاهرتين بسيطتين وهما: الشهيق والزفير، فلا يكفي القرد أن يبعث صياحا شديدا ليقال إنه موسيقي. (2)
ولو كانت لغة للحب انتقلت بالوراثة والتطور وأنشأت الموسيقى لوجب على الأمم الأولى أن تعترف باستمرار الارتقاء وكنا نعلم ذلك من صفات فنهم، ووجب أن توجد بينهم موسيقى تمليها العواطف والتعبير والرقة قريبة من الطبيعة وخاضعة مباشرة للوراثة، ولكنها ليست كما نظن ونفرض.
وقد روى المسيو «جروس» مشاهدة عيان رآها البرنس «دوفييد»، إذ قال عن «البوتوكودو» وهي أمة من متوحشي أمريكا الجنوبية منتشرة في غابات البريزيل: «إن غناء الرجال أشبه بصياح غير مميز يهتز بين صوتين أو ثلاثة ويكون آونة مرتفعا وأخرى عميقا، ويتنفسون بقوة، ويضعون ذراعهم اليسرى على رأسهم، وأحيانا يضعون أصابعهم في آذانهم لا سيما إذا كان عندهم ناس، ويفتحون فمهم إلى آخره الذي شوهه «البوتوك» - وهي قطعة مستديرة من الخشب يركبونها فوق شفتهم السفلى بعد ثقبها، وتعد عندهم من أعظم الحلي والزينة - ولا نظن أن شخصا ما يرى عند هذه الأمة شيئا يعجبه أو يفتنه من الفن!
إن المتوحشين لا يعرفون غير التناسل، وقد قال المسيو «لوبوك»: «إن هنود أمريكا الشمالية الذين يتكلمون لغة «التينيه» لا توجد في لغتهم كلمة تعبر عن لفظ «عزيز أو محبوب»، كما أنه لا توجد في لغة «الألجونكان» - وهم من هنود أمريكا وقاطنون على مقربة من بحيرة ميشيجان - كلمة تفيد «الحب».»
نعم، إن أغاني المتوحشين تدور عادة حول الصيد والحرب والنساء، ولكن يندر جدا أن يسند إليهم غناء الحب.
ولا يوجد عند «الأوزاج» - هنود أواسط الولايات المتحدة - حتى عند «الشيروكيس» - وهي أمة من هنود الولايات المتحدة مشهورة بالذكاء حتى أصبحت اليوم في غاية من المدنية - تعبير واحد موسيقي أو شعري مبني على عاطفة حنو بين الجنسين، ولم تسمع منهم أغان للحب.»
وكذلك لا يوجد لحن واحد للحب عند المتوحشين من «الأوستراليين» و«المينكوبيس» - وهي أمة من السود منتشرة في جزيرة أندمان بأرخبيل بنغال.
وقال المسيو «رينك»: إن أمة «الإسكيمو» - الذين يسكنون حول القطب الشمالي - يكادون لا يعرفون عاطفة الحب. (3)
إذا كان منشأ الموسيقى صادرا من الإلهام التناسلي فلم نرى أن من الوظائف الأولية التي لها السبق في الموسيقى عند جميع الأمم تنحصر في الدينية منها؟ من أين أتت الأغاني الحربية وهي مضادة للحب؟ كيف يتأتى أن «الأوستراليين» وكثير غيرهم يغنون في معظم الأحيان حينما يكونون منفردين.
وحيث إن الإلهام التناسلي عام فلم نشاهد أن بعض الأمم «كالألمان» أمهر في الموسيقى من أمم أخرى من عنصرهم وأقربائهم «كالإنكليز»؟
Bog aan la aqoon