Khawatir Khayal
خواطر الخيال وإملاء الوجدان
Noocyada
كلا ثم كلا، إذ لم يقدر المترجم شيئا من تلك المزايا بل أبرز لنا شكلا لا يزيد عن الهيكل العظمي للرواية بعبارة ركيكة. (3-6) تمثيل الرواية بمسرح رمسيس
أول شيء لفت نظري حينما فتحت برنامج الحفلة هذه الجملة: «تفتتح الحفلة بمارش رمسيس تأليف وتلحين يوسف بك وهبي»، فقلت: هذا فضل جديد كنت أجهله وانتظرت على جمر الغضا توقيعه، ولكن سمعنا لحنا غريبا ضئيلا مريضا واستغرب منه صديقي أيضا الذي كان بجانبي، وهو من المولعين بالموسيقى والتمثيل وله ذوق عظيم فيهما.
رفع الستار في الليلة الأولى في الساعة التاسعة والنصف، وانتهى التمثيل في الساعة الثانية صباحا، وهذا حالنا دوما نحن معشر المصريين لا نظام لنا ولا ترتيب.
رأيت المناظر والملابس جميلة ولكن ينقصها كثير من الذوق السليم لا سيما ملابس النساء وترتيب شعورهن، إذ كان يسود عليهن الشكل «البلدي» ونسين أنهن يمثلن نساء باريسيات!
إن ما رأيته في تمثيل هذا الجوق لا يمتاز بشيء محسوس عن الأجواق الأخرى التي تفككت أو الباقية إلا بالملابس والمناظر، ومن العيوب السائدة فيه عدم حفظ الأدوار والاستعانة بالملقن، كما أن الإشارات والحركات رديئة خصوصا عند السيدات، وكانت السيدة فاطمة رشدي ذات حركات «بلدية»، وقد لفتت الأنظار بالضحك وقتما كانت تشرح كيف خسر زوجها المحامي قضيته، وحكم على الذي دافع عنه بالأشغال الشاقة، إذ كانت تحرك كتفيها ويديها وتضرب على كفيها، وكان على مقربة مني أحد الشبان الراقين من المشتركين في الأوبرا الملكية، فقال: «أظن أن القضية كانت أمام محكمة الأزبكية.» فأغرق الحضور في الضحك لهذه النكتة الظريفة التي تناسب المقام.
أهم أدوار الرواية ثلاثة وهي: دور أرمان ليوسف بك وهبي، ومرجريت لروزاليوسف، ووالد أرمان لعزيز أفندي عيد، دخلت المسرح وكلي آمال واشتياق، ولكن ما لبثت أن خابت كل الظنون وشككت في أنه درس دراسة تامة ونال بعدها دبلوما، رأيت فيه جمودا في الجسم، إلقاؤه يكاد يكون على وتيرة واحدة خال من العواطف، حتى إن تمثيله وسحنته لا يدلان على شيء منها، وربما كان أليق قليلا في نوع آخر كالحزن أو الكلاسيك أو غيره، وهذا ما لا أستطيع الحكم به قبل مشاهدته.
وإذا قارنا بينه وبين عبد الرحمن أفندي رشدي وجدنا الأخير أميز بمراحل، ولو أنه لم يتلق التمثيل على أحد بل درسه من كثرة مشاهدة الأجواق الأجنبية المشهورة التي كانت تؤم البلاد، كانت روزاليوسف أمهر من باقي الممثلين في عدم التكلف في حركاتها وإشاراتها، وقد أبكت كثيرا من الحاضرين واغرورقت عيني ولو أني لم أعجب بتمثيل الرواية بعدما شاهدتها من كثير من مشاهير فحول الكوميدي فرنسيز ممن زاروا مصر.
والذي ينقص الآن هذه الممثلة نشاط الحركات وقوة الصوت وسرعة الإلقاء، وقد سمعتها منذ اثنتي عشرة سنة في نادي الألعاب الرياضية هي وعزيز أفندي عيد تمثل «يا ست ما تمشيش كده عريانه»، وكانت وقتئذ نشيطة في الحركات رشيقتها رنانة الصوت، أما عزيز أفندي عيد فلا يليق إلا للنوع المضحك، وكان دوره في والد أرمان رديئا جدا بعيدا عن مهابة الآباء وحنوهم ورزانتهم بصوت خشن أبح وحركات مضحكة، وقد ترحمت على أبي العدل أفندي وقلت: حبذا لو كان حيا ومثل لنا هذا الدور الذي لا يحسنه غيره.
وأملنا أن يعطي وهبي بك لهذه الملاحظات عناية تامة ويحسن اختيار الروايات وتعربيها.
الأبحاث الموسيقية
Bog aan la aqoon