فصار محمد، صلى الله عليه وسلم ، شفيعا للأنبياء والأولياء، ومن دونهم. ألا ترى إلى قوله، عليه الصلاة والسلام، فيما يصف من شأن المقام المحمود: ((حتى أن إبراهيم، خليل الرحمن، يحتاج إلي في ذلك اليوم)) حدثنا بذلك الجارود عن النضر بن شميل، عن هشام الدستوائي، عن حماد، رفعه إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم !
ألا ترى أن الله، تبارك وتعالى، ذكر البشرى في غير آية؟ فلم يذكرها إلا مع الشرط: {بشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات} وذكرها هنا ولم يشترط: {وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم} يعلمهم أن نجاة الجميع، في ذلك اليوم بهذا القدم الصدق.
وأما الحجة، فكأنه يقول للأنبياء، عليهم السلام: معاشر الأنبياء، هذا محمد، جاء في آخر الزمان؛ ضعيف البدن، ضعيف القوة، ضعيف المعاش، قليل العمر. أتى بما قد ترون: من صدق العبودة، وغزارة المعرفة والعلم. وأنتم، في قواكم وأعماركم وأبدانكم، لم تأتوا بما أتى. ويكشف الغطاء عن الختم، فينقطع الكلام، وتصير الحجة على جميع خلقه، لأن الشيء المختوم محروس. وكذلك تدبير الله تعالى لنا في هذه الدنيا: أنه إذا وجد الشيء يختمه زال الشك وانقطع الخصام فيما بين الآدميين.
فجمع الله تعالى أجزاء النبوة لمحمد صلى الله عليه وسلم ، وتممها له، وختم عليها بختمه. فلم تجد نفسه ولا عدوه سبيلا إلى ولوج موضع النبوة، من أجل ذلك الختم.
Bogga 30