فصل
وأما داود ﵇ - فقد قال الله تعالى في حقه: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (١٠) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [سبأ: ١٠ - ١١] فمحمّد ﷺ قال الله تعالى (له) (١): ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا﴾ [النساء: ١١٣] فجعل الفضل الذي آتاه داود ﵊ فضلًا مُرسَلًا، وجعل الفضل الذي آتاه محمدًا ﷺ فضلًا عظيمًا، وأما قوله تعالى: ﴿يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ﴾ [سبأ: من الآية ١٠] فالحَصى من جنس الجبال وكان يسبّح في يد محمّدٍ ﷺ بل وفي أيدي أصحابه رفعةً لشأنه وبيانًا لبرهانه، روى أبو نعيم وغيره عن سويد بن يزيد قال: كنت اتتبع رسول الله ﷺ في خلواته فدخلت ذات يوم المسجد فإذا هو فيه فجئت فجلست، فبينا أنا جالس إذ جاء أبو بكر ﵁، فقال رسول الله ﷺ: «ما جاء بك (يا أبا بكر) (٢)»، فقال: إلى الله وإلى رسوله، فجلس (عن يمين) (٣) رسول الله ﷺ، ثم جاء عمر ﵁، فقال: «ما جاء بك يا عمر»، قال: إلى الله وإلى رسوله، قال: فجلس عن شمال رسول الله ﷺ، قال: ثم جاء عثمان، فقال له: «ما جاء بك يا عثمان»، فقال: إلى الله وإلى رسوله، قال: فأخذ رسول الله ﷺ سبع حصياتٍ فسبّحن في يده حتى سمعت حنينهنّ كحنين الإبل ثم وضعهن فخَرِسْن، ثم أخذهن فدفعهن في يدا أبي بكر ﵁، قال: فسبّحن في يده حتى سَمِعتُ حنينَهن كحنين النّحل ثم وضعهن فخَرِسْن، ثم أخذهن فدفعهن في يد عمر ﵁ فسبحن في يده
(١) "له" ليس في ب.
(٢) "يا أبا بكر" ليس في ب.
(٣) "عن يمين" ليس في ب.