19
وعلى جملة من القول فإنه غير مفيد افتراض مسام، فإذا كان جسم لا يفعل في آخر بمسه، فلن يفعل أيضا بأن يخترق مسام، وإذا كان إنما يفعل بالمس فحينئذ - حتى بدون مسام - تفعل الأجسام أو تقبل الفعل كلما وضعها الطبع أحدها تلقاء الآخر في علاقة من هذا القبيل.
20
والحاصل أنه يرى من كل ما تقدم أن تصور مسام على الوجه الذي فهمها به بعض الفلاسفة إنما هو خطأ كامل أو فرض باطل؛ فإن الأجسام بما هي قابلة للتجزئة مطلقا في كل جهة، فمن السخرية افتراض مسام ما دام أن الأجسام بما هي قابلة للتجزئة يمكنها دائما أن تنفصل.
21
هوامش
الباب التاسع
أما نحن فإننا - صاعدين إلى المبدأ الذي طالما قررناه - نعيد إيضاح الطريقة التي بها الكون والفعل والانفعال تقع في الأجسام. في الواقع إذا كان شيء له الخاصة الفلانية تارة بالقوة المحضة وتارة بالفعل وبالكمال، وإذا كان يمكنه بالطبع أن ينفعل في واحد معين من أجزائه ولا ينفعل في الآخر، ولكن في مجموعه ينفعل بنسبة ما له من هذه الخاصة، فمن البين أنه سينفعل أكثر أو أقل تبعا لما أن هذه الخاصة فيه أكثر شدة أو أقل. على هذا الوجه على الأخص قد يمكن بأكثر سهولة التسليم بوجود المسام، وتكون حالها على ذلك في الأجسام كما هو الحال في المعادن تمتد أحيانا عروق متصلة من المادة القابلة لانفعال ما.
1
على ذلك كلما كان الشيء متجانسا وكان واحدا كان غير قابل، ويجري هذا المجرى أيضا متى كانت الأشياء لا تتلامس بينها، أو لا تلامس أغيارا يمكنها بطبعها أن تفعل أو تنفعل، أعني مثلا أنه ليس فقط النار تسخن بالتماس ولكنها تسخن أيضا على مسافة؛ لأن النار تسخن الهواء، والهواء يسخن الجسم؛ لأن الهواء بطبعه يمكن أن يفعل وينفعل معا.
Bog aan la aqoon