يزيد على ذلك: لكن لا شيء ليس في حركة؛ لأنه إذا كان الموجود في حركة فلا يكون بعد هو ما هو. وحينئذ الموجود لا يكون بعد واللاموجود يصير شيئا. وفوق ذلك بما أن الموجود يتحرك وينقطع عن أن يكون متصلا بانتقاله فعلى هذا المعنى هو لا يكون بعد. وبالنتيجة إذا كان متحركا في جميع أجزائه فهو منقسم في جميعها على الإطلاق، وإذا كان هكذا فليس موجودا ألبتة. وفي هذا الصدد يقول غرغياس: إن الموجود هو ناقص من جهة ما هو منقسم ، وهو يتكلم على التجربة عوضا عن أن يتكلم على الخلو كما كتبه لوكيبس فيما يسمى بمقالاته.
83
يظن غرغياس أنه في هذا قد وفى البيان حقه. يقول: إذا ثبت حينئذ أن لا شيء فالكل حينئذ يعزب عن علمنا، فلم يبق بعد من ثم إلا ما يتصور. واللاموجود ما دام أنه غير كائن فلا يمكن ألبتة تصوره. ومتى كان هذا كان من المحال - على رأي غرغياس - ألا يكون هناك شيء باطل، بل لا يكون خطأ أن يقال مثلا: إن «العربات تدرج على أمواج البحر.» لأن كل هذا حق كما أن نقيضه حق.
84
ولكن كيف توجد الأشياء التي ترى أو التي تسمع بهذا السبب وحده، وهو أن يتصور كل واحد منها! فإذا لم يكن ذلك هو السبب الذي يجعلها تكون، وإذا كانت الأشياء التي نتصورها لا توجد من أجل ذلك أيضا، فهل للأشياء التي نشاهدها وجود أدخل في باب الحقيقة والفعل من الأشياء التي نتصورها؟
85
في الواقع، كما أنه ممكن جدا أن كثيرا من الناس يشاهد الأشياء، فكذلك من جهة أخرى كثير من الناس يتصورها أيضا؛ فالأشياء الذهنية هي إذن على الإطلاق مثل الأشياء الخارجية. ولكنه لا يدرى أي الفريقين هو الحقيقي، وبالنتيجة أن يوجد من شيء فمن المحال أن تكون الأشياء معلومة لنا.
86
يقول غرغياس: حتى مع التسليم بأنها معلومة لنا ، فهل يمكننا أن ننقل التعبير عنها إلى الغير؟ كيف يمكن الإنسان أن يعلم غيره بطريق الكلام ما قد شاهده هو بالنظر؟ وكيف يمكن الإنسان لمجرد سماعه شيئا أن يفهمه جليا إذا لم يكن قد رآه؟ وفي الواقع كما أن النظر لا يدرك الأصوات كذلك السمع لا يسمع الألوان ولا يسمع إلا الأصوات، فالذي يتكلم كلاما، ولا يتكلم لونا ولا أي شيء آخر أيا كان.
87
Bog aan la aqoon