فماذا يمنع إذن - حتى بدون أن يكون قد كون - أن يكون له بالأقل بداية؟ لا البداية التي منها أتى - إذا شئت - بل بداية، أخرى، وإن الأشياء مع كونها أزلية يتحدد بعضها ببعض على طريق التكافؤ.
26
بل ماذا يمنع أن «الكل» الذي يكون غير مخلوق أن يكون لامتناهيا، وأن جميع الأشياء التي هي فيه تكون متناهية باعتبار أن لها بالبساطة بداية ونهاية في كونها.
27
ألا يمكن أيضا كما يبغي برمينيد أن «الكل» مع أنه واحد وغير مخلوق يكون متناهيا «بأن يكون من جميع الجهات مشابها لكتلة كرة مضبوطة الشكل، وأن يكون متساوي الأبعاد من المركز من غير حاجة أصلا إلى أن يكون في الجزء الفلاني أو الفلاني أكبر أو أجمد مما هو؟»
28
ولما أن له وسطا وأطرافا فله حد مهما كان غير مخلوق ما دام أن «الكل» مع أنه واحد كما يعترف به ميليسوس نفسه، فإنه - من حيث كونه جسما - كل أجزائه بلا استثناء مشابهة بعضها لبعض. ومن هذه الجهة إنما هو يقرر التشابه المطلق «للكل» ولا يقول كما يقول فلاسفة آخرون إن «الكل» مشابه لشيء آخر غير ذاته. تلك هي النظرية التي يبطلها أنكساغوراس بقوله: إذا كان اللامتناهي مشابها من جهة أن يكون مشابها لمغاير له، فمن ثم هما اثنان بل أكثر، وحينذ لا يوجد بعد لا «واحد» ولا لامتناه.
29
ولكن قد يمكن أن ميليسوس يعني هو أيضا أن اللامتناهي مشابه إضافيا لذاته، أو يقول بعبارة أخرى إن «الكل» هو متشابه لأن أجزاءه متشابهة بما أن هذا «الكل» هو مع ذلك من الماء أو من الأرض أو من شيء آخر.
30
Bog aan la aqoon