ترتكز العولمة والسوق الدولية في مكاسبهما على التجارة في السلاح والدعارة والمخدرات وأدوات الزينة ووسائل الترفيه والإعلام والأفلام القائمة على الجنس والجريمة، كما ترتكز على الازدواجية والكيل بمكيالين في كل شيء، سواء كان في السياسة الدولية أو في الحياة الجنسية الخاصة داخل الأسرة؛ لهذا السبب يحتاج نظام العولمة ما بعد الحديث إلى الأديان؛ إذ ترتكز الأديان على الازدواجية نفسها التي ترتكز عليها العولمة، فهناك مقاييس أخلاقية واجتماعية واقتصادية وقانونية خاصة بالرجال، ومقاييس أخرى خاصة للنساء، وهناك تفرقة بين الناس على أساس الطبقة، وتأكيد على أن الله خلق الناس درجات وطبقات بعضها فوق بعض، وجعل الرجال قوامين على النساء.
تتغلغل القيم الطبقية الأبوية في صلب الأديان وفي صلب النظام العالمي والمحلي، وليس هناك ما يدل على حدوث تغيير كبير في القرن القادم، ما لم تنهض النساء للدفاع عن حقوقهن وتنظيم أنفسهن محليا ودوليا.
لقد خربت حركات تحرير المرأة في بلادنا وفي معظم بلاد العالم؛ بسبب ما حدث من ردة اقتصادية وثقافية وإعلامية، ولم تعد الأغلال والقيود مرئية، بل أصبحت داخل عقل الإنسان - المرأة أو الرجل - بسبب عمليات تزييف الوعي المستمرة من خلال أجهزة التعليم والإعلام. (2) مشكلة الإعلام والتعليم
في مصر تمتلك الحكومة أجهزة الإعلام بالكامل، خاصة الراديو والتلفزيون، معظم الصحف الكبرى تملكها الحكومة أيضا، هناك بعض صحف معارضة إلا أنها معارضة في نطاق محدود إن خرجت عنها فهي مهددة بالإغلاق، كما حدث عند معارضتنا لحرب الخليج، ولأننا انتهجنا سياسة نسائية تحريرية تختلف عن سياسة الحكومة.
لقد سيطر الإعلام الأمريكي على كثير من بلاد العالم، منها بلادنا العربية والأفريقية، يلعب الإعلام الرسمي في بلادنا الدور نفسه في تلهية الناس عن مشاكلهم الحقيقية.
وكم ينشغل الناس في بلادنا بالحكايات الجنسية التافهة للرؤساء والأميرات والأمراء، لقد طغت أخبار الأميرة ديانا والحكايات عن كلينتون ومونيكا على أخبار الشعوب التي تقتل بالآلاف في بلادنا بسبب الحروب العسكرية والاقتصادية المستمرة.
وقد أصبح الإعلام الرسمي في بلادنا يشجع الفكر الديني المحافظ منذ السبعينيات وحتى اليوم، أصبح نجوم التلفزيون من رجال الدين، والمشايخ الذين يروجون الدعوة إلى تحجب النساء، رغم إغراق الناس بالإعلانات الجنسية الفاضحة لترويج البضائع الأجنبية أو المنتجة محليا تحت سيطرة الشركات المتعددة الجنسيات.
ويلعب الإعلام الأمريكي والدولي دوره لمساندة الردة الدينية والسياسية التي تخدم مصالح السوق والعولمة، وتضر بمصالح النساء ورجال من الشعوب خاصة في بلاد الجنوب أو بلادنا.
في جريدة لوس أنجلوس تايمز (الصادرة في 5 يناير 1999) نشر موضوع يدعم المدارس الخاصة للبنات التي أنشأتها الحكومة في بلادنا مؤخرا، أبرزت الجريدة رأي المسئولين في وزارة التعليم، ومنهم من أعلن أن البنات في هذه المدارس الجديدة يتلقين دروسا مضيئة تتمشى مع دور المرأة في الحياة، ومنها تنظيم الأسرة والصحة والنظافة والحفاظ على البيئة ومنع ختان الإناث، والخياطة، والطبخ وحفظ الأطعمة ... إلخ، وأن تدريس هذه المواد للتلميذات يعتبر خطوة متقدمة حسب قول الجريدة:
It has helped mould a good citizen who can be the mother of future generation of Egyptian.
Bog aan la aqoon