وأصبحت الحقوق المدنية هي التي تعطي هذه الفئات والطبقات الشعبية قدرا من الحرية يساعدها على التغيير في بناء المجتمع وتطويره من داخل مؤسساتها، ثقافية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية، والتي تخرج عن نطاق الأحزاب السياسية والبرلمان ومؤسسات الحكم التشريعية والتنفيذية والقضائية. (5) السلطة الرابعة
هذه هي السلطات التقليدية الثلاث للحكم، وقد أضيف إليها في عصرنا الحديث سلطة رابعة هي الصحافة والإعلام.
وتمثل هذه السلطة الرابعة تطويرا خطيرا في سيطرة المؤسسات الحكومية على عقول الناس، سواء في بلادنا أو في العالم أجمع.
لقد دخل «التليفزيون» إلى كل بيت في القرى والمدن، وأصبح لأي سلطة مركزية محليا وعالميا أن تتحكم في عقول ونفوس الملايين من البشر، رجالا ونساء، شبابا وأطفالا، ويمكن عن طريق احتكار وسائل الإعلام الإلكترونية أن تغير العقول أو تغسلها تماما، وتملؤها بالأفكار المزيفة والحقائق المعكوسة مما يخدم مصالح القلة الحاكمة محليا وحلفائهم في الخارج.
في بلادنا العربية لا يمكن للقطاع المدني أن تكون له قناة تلفزيون خاصة غير تلك التي تملكها الحكومة، ولا يمكن أن تكون له محطة راديو غير تلك التي تملكها المؤسسات الحاكمة.
كذلك الصحف الكبرى والمجلات ودور النشر الكبيرة لا تزال كلها مؤسسات حكومية، وتعمل وزارات الثقافة مثل وزارات الإعلام مثل وزارات الشئون الاجتماعية والداخلية على الرقابة والتحكم في البشر أكثر مما تعمل على نشر الثقافة الحقيقية، التي لا تتحقق إلا بتبادل الأفكار وحرية الجدل والنقاش.
وقد حاولنا أن نصدر مجلة المرأة «نون» عن جمعية تضامن المرأة، لكن قانون الصحافة في مصر وقف لنا بالمرصاد، وجاءنا خطاب رسمي من المجلس الأعلى للصحافة بتاريخ 13 مارس 1989 برفض الترخيص للمجلة لعدم توافر الشروط القانونية التي تستلزمها الفقرة الثانية من المادة 19 من القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة.
وهكذا يحرم القطاع المدني في مصر من وسائل تبادل الرأي أو الثقافة عن طريق عدم القدرة على إصدار المجلات إلا لمن يملكون السلطة والأموال.
أما الجدل في الأمور السياسية فهو ممنوع أيضا عن القطاع المدني في مصر، إذ ينص البند رقم 3 من لائحة النظام الأساسي للجمعيات «أنه لا يجوز للهيئة أن تجادل في الأمور السياسية أو العقائد الدينية»، وقد أرسلت إلينا وزارة الشئون الاجتماعية خطابا رسميا في 22 نوفمبر 1990 يؤكد لنا هذا المعنى على شكل تحذير أو إنذار.
وكنا قد رأينا في جمعية تضامن المرأة على أن نربط بين قضايا المجتمع من النساء بالقضايا الأخرى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والدينية وغيرها من مجالات الحياة غير المنفصلة في الواقع والحقيقة، وأدركنا أن هذا الربط «شرط ضروري» للوعي بحقوق النساء والرجال على حد سواء، خاصة ذلك القطاع الذي يطلق عليه اسم القطاع المدني. (6) أهمية الحقوق المدنية اليوم
Bog aan la aqoon