وهو كل الأحكام الشرعية، والمسائل الاجتهادية التي وقع فيها البحث في علم الفقه.
واختلف آراء المجتهدين فيها باختلاف أماراتهم، فتعددت مذاهبهم لأجلها، ووقع بينهم التنازع والتشاجر في أحكامها، ووجب على كل فريق الرجوع إلى ما أداه اجتهاده، وما رجح بأماراته بحسب غلبة ظنه، وكان ذلك هو أقصى تكليفه، وأما ما عدا ذلك من المسائل الشرعية والأحكام الفرعية مما لم يقع فيه التنازع والاختلاف، فليس محل الاستدلال ولا مناط الاجتهاد، وذلك ثلاثة:
الأول: ما دل عليه نص الكتاب، أو ظاهره، أو منطوقه، أو فحواه، أو شيء من عوارض ألفاظه، فإنه ليس محلا للاجتهاد، بل الواجب تلقي ذلك الحكم من الكتاب العزيز (1)، وترك الاجتهاد والنظر والبحث، والواجب على الطالب في ذلك البحث عن كيفية أخذ ذلك الحكم من تلك الآية واستخراجه منها بالمطالعة في كتب التفاسير، وما ذكره المتقدمون من الأقوال في تأويل ألفاظ الآية ومعناها الدالة على ذلك الحكم، وترجيح ما يترجح في نظره من أقوالهم مما هو أقرب إلى معنى الآية، ويجب حمل ألفاظه على الحقائق الشرعية إن وجدت، فإن لم توجد أو تعذر ذلك لمانع فعلى الحقائق العرفية بالعرف العام، فإن لم توجد أو تعذر لمانع فعلى العرف الخاص، فإن تعدد حمل كل قوم على ما وجد في عرفهم، فإن لم يوجد أيضا له وتعذر فعلى الحقائق اللغوية، فإن لم توجد أو تعذر فعلى المجاز، ويعتمد أقرب المجازات إلى اللفظ، فإن لم يوجد أو تعذر حمل على البعيد كما هو مقرر في الاصول، وكذا الكلام في السنة من غير فرق، ولو
(1) في «ج» بدل «الكتاب العزيز» تلك الآية واستخراجها منها.
Bogga 131